و استدل بهذه الآيات، أن الرسول مبلغ و نذير فقط و ليست له الولاية، و أضاف الى ذلك بأن المذكور في بعض الآيات (البلاغ المبين) و المراد منه هو القرآن المبين، فاذا كان القرآن بهذه المثابة من الوضوح و الابانة، فلا يصح تفسيره بالروايات لعدم كونها، واضحة، كوضوح القرآن، فان تفسير القرآن بالروايات تفسير الواضح بالمجمل، لان الروايات بعضها مطلق، و بعضها الاخر مجمل، و بعضها يعارض بعضها الاخر، و غير ذلك من الجهات الموجبة لإجمالها، و الحال أن المعرف لا بد أن يكون الاجلى من المعرف كما ثبت في محله.
أقول: و في كلامه مواضع للنظر:
(الاول) ان الآيات المذكورة، في مقام بيان أن الرسول قد أدى وظيفته، بعد ابلاغ الرسالة، و أحكامها و اما اجبارهم على قبولها ليس واجبا عليه، بل عليه الابلاغ و على اللّه الحساب، و أما الولاية التكوينية، فلا تكون الاية ناظرة اليها نفيا و اثباتا.
و (بعبارة أخرى)- لا محذور في اثبات مبلغية النّبيّ (صلى اللّه عليه و آله) بهذه الاية، و ولايته بدليل آخر فان اثبات الشىء لا ينفى ما عداه.
(الثانى) أن الولاية التكوينية تكون للنبى، لا على النّبيّ و عبر في الآيات بلفظ عليك.
و (بعبارة أخرى)- أن الآيات في مقام بيان أن وظيفة رسول اللّه، انما هو بيان الاحكام، لا شيء آخر، و أما الولاية التكوينية فليست على النّبيّ، فلا تشمل الاية لها أصلا.
(الثالث)- انا لا نسلم كون القرآن كله ظاهرا بحيث لا يحتاج الى الروايات