ورابعها : أن غرناطة نزل بها أهل دمشق ، وسمّوها باسمها لشبهها بها في القصر والنهر ، والدّوح والزّهر ، والغوطة الفيحاء ، وهذه مناسبة قوية العرا شديدة.
هذا ، وإني أسأل ممّن وقف عليه ، أن ينظر بعين الإغضاء إليه ، كما أطلب ممّن كان السبب في تصنيفه ، والداعي إلى تأليفه وترصيفه ، استنادا لركن الثقة ، واعتمادا على الودّ والمقة [١] ، أن يصفح عمّا فيه من قصور ويسمح ، ويلاحظه بعين الرضا الكليلة ويلمح ، إذ ركّبت شكل منطقه والأشجان غالبة ، وقضية الغربة ، موجبة للكربة ، ولبعض الآمال سالبة ، وهو. وإن لم يوف بكل الغرض. فلا يخلو من فائدة ، وقد يستدلّ على الجوهر بالعرض ، فإن أدّيت المفترض ، وذاك المرام الذي أرتضيه ، ويوجب الودّ ويقتضيه : [الطويل]
وقد توهّمت أني لم أسبق إلى مثله في بابه ، إذ لم أقف له على نظير أتعلّق بأسبابه ، ورجوت أن يكون هديّة مستملحة مستعذبة ، وطرفة [٣] مقبولة مستغربة : [السريع]
هديّتي تقصر عن همّتي
وهمّتي أكثر من مالي
وخالص الودّ ومحض الإخا
أكثر ما يهديه أمثالي
وأوردت فيه من نظم وإنشاء ، ما يكفي المقتصر عليه إن شاء ، ومن أخبار ملوك ورؤساء ، وطبقات من أحسن أو أساء ، ما فيه اعتبار للمتأمّل ، وادّكار للراحل المتحمّل ، وزينة للذاكر المتجمّل ، وتنكيت على أهل البطر ، وتبكيت لمن خرج من دنياه ولم يقض من الطاعة الوطر : [الوافر]
أرى أولاد آدم أبطرتهم
حظوظهم من الدنيا الدّنيّة
فلم بطروا وأوّلهم منيّ
إذا نسبوا وآخرهم منيّه
وفيه إيقاظ لمثلي من سنة [٤] الغفلة ، وحثّ على عدم الاغترار بالمهلة ، وتنبيه للابس برد الشباب القشيب ، أنّه لا بدّ من حادث الموت قبل أو بعد المشيب : [السريع]