فكم باك على عصر الشباب ، وشاك لفراق عهد الصّبا والأحباب ، أنساه طارق الزمان سليمى والرّباب : [الوافر]
مضى عصر الشباب كلمح برق
وعصر الشّيب بالأكدار شيبا
وما أعددت قبل الموت زادا
ليوم يجعل الولدان شيبا [١]
وما أحسن قول بعض الأعلام : [الطويل]
مضى ما مضى من حلو عيش ومرّه
كأن لم يكن إلّا كأضغاث أحلام
وقول من أرشد سفيها : [الخفيف]
إنما هذه الحياة متاع
فالجهول الجهول من يصطفيها
ما مضى فات والمؤمّل غيب
ولك الساعة التي أنت فيها
وفي معناه لغيره : [المجتث]
دنياك شيئان فانظر
ما ذانك الشّيئان
ما فات منها فحلم
وما بقي فأماني
وما أحكم قول ابن حطّان ، مع وقوعه من البدعة في أشطان [٢] : [الرمل]
يأسف المرء على ما فاته
من لبانات إذا لم يقضها [٣]
وتراه ضاحكا مستبشرا
بالتي أمضى كأن لم يمضها
إنها عندي كأحلام الكرى
لقريب بعضها من بعضها
ولغيره : [البسيط]
والله لو كانت الدنيا بأجمعها
تبقى علينا ويأتي رزقها رغدا
ما كان من حقّ حرّ أن يذلّ لها
فكيف وهي متاع يضمحلّ غدا
ولآخر : [السريع]
لا حظّ في الدنيا لمستبصر
يلمحها بالفكرة الباصره
[١] أخذ معنى هذا البيت من قوله تعالى (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً).
[٢] الأشطان : جمع شطن : الحبل.
[٣] لبانات : جمع لبانة ، وهي الحاجة.