المخالفة القطعية في القسم الأول و الرابع منها، و لكن يمكن تحقق المخالفة القطعية في الثاني و الثالث، و لذا لم يجعل (قده) محل الوجوه الخمسة المتقدمة جميع هذه الأقسام، بل جعل محلها خصوص القسم الأوّل منها، فانه الّذي يمكن القول بجريان بعض الوجوه الخمسة و هو الإباحة الظاهرية فيه، بخلاف الثاني و الثالث، فانه لا تجري فيهما الإباحة الظاهرية سواء أريد بها أصالة البراءة عن الوجوب و الحرمة المحتملين أم أريد بها أصالة الإباحة المستفادة من خصوص حديث الحل و ما هو بمضمونه. أما عدم جريانها بمعنى أصالة البراءة، فلأنها لو جرت كان مقتضاها نفى الوجوب و الحرمة ظاهرا و الاذن في الفعل بأي داع كان و في الترك كذلك، و هذا و ان لم يستلزم بنفسه مخالفة عملية، فان مجرد الاذن في الفعل أو الترك لا ينافى الإتيان به بداع قربي، أو تركه كذلك، إلاّ أن نفس تجويز الشارع للفعل أو الترك مطلقا - عند دوران الأمر بين المحذورين - إذن في المخالفة العملية القطعية فيما إذا كانت مقدورة للمكلف، و قد عرفت أنها مقدورة له في هذين القسمين فالإذن في الفعل أو الترك حينئذ إذن في المعصية، و هو قبيح. و وجه قدرته على المعصية فيهما أنه على تقدير تعبدية كل من الوجوب و الحرمة - كما في القسم الثاني - يقدر على أن يختار الفعل أو الترك لا لداع قربي، فتحقق المخالفة القطعية لما هو معلوم تفصيلا من التعبدية، و على تقدير تعبدية أحدهما المعين - كما في القسم الثالث - كالفعل مثلا يقدر على أن يأتي بالفعل بلا قصد التقرب، فتتحقق المخالفة القطعية أيضا. و أما عدم جريانها بمعنى أصالة الإباحة، فلأنها لو جرت - فمضافا إلى لزوم محذور الترخيص في المعصية القطعية أيضا - يستلزم محذورا آخر، و هو: أن