لا يبعد رجحان الثاني، و يؤيّده الآية [1] و الروايات [2]، فإنّ قوله: (لو لا أن أشقّ على أُمّتي لأمرتُهم بالسواك) [3] ظاهرٌ في أنّ الأمر يوجب المشقّة و الكُلفة مع أنّ الاستحبابيّ لا يوجبهما، مضافاً إلى أنّ الطلب الاستحبابيّ وارد فيه، فلو كان أمراً لم يقُل ذلك، و العمدة في الباب التبادر لو تمّ، كما لا يبعد.
و أمّا ما قال بعض أهل التحقيق [4]- بعد اختياره كون لفظ الأمر حقيقة في مطلق الطلب- من أنّه لا شبهة في ظهوره حين إطلاقه في خصوص الطلب الوجوبيّ، ثمّ تفحّص عن منشأ الظهور، أنّه هل لغلبة الاستعمال في الوجوب، أو هو قضيّة الإطلاق و مقدمات الحكمة، و ردّ الأوّل استشهاداً بقول صاحب المعالم من كثرة استعماله في الاستحباب [5] و اختار الوجه الثاني، ثمّ حاول تقريبه بوجهين.
فهو بمكان من الغرابة، لخلطه بين مادّة الأمر الموضوعة لمفهوم كلّي، و بين صيغ الأمر، فإنّ كثرة الاستعمال في كلام صاحب المعالم إنّما هي في الثاني
[1] و هي قوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ النور: 63.
[2] سنن أبي داود 2: 270- 2231 باب المملوكة تعتق .. من كتاب الطلاق.
[3] الفقيه 1: 34- 16 باب 11 في السواك، الوسائل 1: 354- 4 باب 3 من أبواب السواك.