ابن مالك في شرح المفصّل؛ من أنّ المركّبات لو كان لها وضع لما كان لنا أن نتكلّم بكلام لم نُسبق إليه؛ إذ المركّب الّذي أحدثناه لم يَسبق إليه أحد، فكيف وضعه الواضع؟! انتهى.
و هذا إشكال متين؛ لأنّ الالتزام بالوضع لمجموع الجملة- هيئة و مادّة- مستلزم للالتزام بوضع كلّ جملة جملة على حدة بالوضع الشخصي؛ لعدم تصوّر الوضع النوعيّ إلاّ لهيئات الجمل، لا لمجموع المادّة و الهيئة، ف «زيد قائم» و «عمرو قاعد» مشتركان في الهيئة لا المادّة، فلا يمكن الوضع النوعيّ للمجموع، فلا محيص عن الالتزام بأنّ الجمل التي أحدثها المتكلّم- ممّا تكون موادّها مختلفة عن السابقة- غير موضوعة، و هو واضح البطلان.
فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ الحقّ ما عليه المشهور من أنّ الدالّ على المعاني التصديقيّة هي الهيئات، و لا وضع لمجموع الجملة.
و لا ينقضي تعجّبي من بعض المدقّقين من المحشّين على الكفاية كيف ادّعى أنّ كلام ابن مالك ظاهر في أنّ محلّ النزاع هذا الأمر البديهيّ البطلان، قائلاً: إنّه لا يخفى على مثل ابن مالك أنّ الوضع نوعيّ لا شخصيّ [1] و لا أدري أنّه ما فهم من كلامه و ما موضع دلالته على أنّ النزاع فيه؟