responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 9
الأحكام الشرعية فكل حكم ثبت للحاضرين فهو للغائبين ثابت أيضا و من الظاهر أن مجرد العلم بتوجّه الخطابات إلى الحاضرين مع عدم ظهور ما ينافى ظاهرها لا يقتضي الحكم بأن ظواهرها مراد من الحاضرين لاحتمال قيام الأدلة على خلاف ظواهرها حين الخطاب بالنسبة إليهم و عدم علمنا بها لا يقتضي عدمها بالنسبة إليهم و قبح الخطاب بما له ظاهر و إرادة خلافه من غير دلالة أنما هو بالنسبة إلى من يختص الخطاب به في الحكم و أصالة عدم تلك الأدلة لا تفيد سوى الظن و الحاصل أنه قد علمنا إجمالا أن جميع أحكام الشرعية يشترك فيها جميع الأمة إذا تحقق شرائط الاشتراك فكل حكم ثبت للحاضرين فهو ثابت للغائبين و لا كلام في هذا و إنما الكلام في إفادة الألفاظ القطع بأحكام الحاضرين و من الظّاهر أنها لا تفيده لما تقدم إليه الإشارة نعم يستفاد منها الظن بعد ضم أصول عديدة و قواعد كثيرة و هذا هو السرّ في تمسّك الأصحاب بتلك الخطابات لإثبات الحكم بالنسبة إلى الغائبين و قد رجع الكلام هنا إلى مسألة أصولية و هي أن الخطابات الشرعية هل تختص بالحاضرين أو تعم الغائبين و قد صار معظم المحققين بل كلهم إلى الأول و هو الحق الذي لا يصحّ العدول عنه كما سيأتي إليه الإشارة إن شاء الله ثم لو سلمنا أن الخطابات تعم الغائبين و تتوجه إليهم كتوجهها إلى الحاضرين فنقول الخطاب المتوجّه إلى المكلف لا يجوز العمل بظاهره لاحتمال وجود المعارض له الصارف له إلى غيره و لا فرق في هذا بين الحاضر و الغائب و مجرّد توجه الخطاب لا يمنع الاحتمال المذكور و لذا لا يحمل المخاطب الحاضر الخطاب على ظاهره بمجرد صدوره و توجّهه إليه بل يتوقف حتى يتبيّن له عدم الصّارف له و ذلك تارة يكون بانقطاع كلام المتكلم و أخرى يكون بمضيّ زمان لا يجوز بعده نصب القرينة على خلاف الظاهر و بالجملة لا يجوز العمل بظاهره حتى تبيّن عدم الصّارف لأنه إما جزء من الدليل أو شرط له و على أي تقدير ما لم يتبين لم يتم دلالة الدليل و تبيّنه يكون بقسمين أحدهما العلم و هو غالبا يتحقق بالنسبة إلى الحاضرين لاطلاعهم عادة على جميع القرائن الحالية و المقالية نعم ربما يحصل لهم الظن بذلك باعتبارات عديدة لا تخفي على المتأمل و قبح المخاطبة بما له ظاهر و يراد خلافه أنما يمنع من احتمال عدم نصب المخاطب القرينة في محله و من الظاهر أن مجرّد نفي هذا الاحتمال لا يوجب القطع بالمراد لاحتمال حصول الغفلة للمخاطب عن القرينة أو نسيانه لها أو عدم فهمه إيّاها و ليس على المخاطب الحكيم دفع هذه الموانع المحتملة عقلا بل عليه نصب القرينة في مقام يصحّ نصبها عادة و إعلام المخاطب بها عادة و أما الاحتمالات العقلية التي لم تجر العادة بها كالغفلة على خلاف العادة و السهو على خلاف العادة فلا يجب على الحكيم الاعتناء بها و بالجملة حال النبي صلى اللَّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام في مخاطباتهم مع الأمة حال مخاطبة أهل اللسان بعضهم مع بعض و ليس لهم صلوات الله عليهم طريقة خارقة للعادة و سنن منحرفة عن العرف و اللغة و إلا لاشتهر و مع هذا فقد قال الله تعالى و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه و هذا واضح في الغاية و ثانيهما الظن و هو غالبا متحقق بالنسبة إلى الغائبين لعدم تمكنهم من العلم بجميع القرائن الحالية و المقالية عادة لإمكان وجودها حين الخطاب و عدم نقلها لهم و لا دليل على أنه يجب على الحكيم حفظهما و إقهار نقلة الخطابات إلى المخاطبين بها على نقلها و لو كان ذلك واجبا للزم أن يكون استفادة الحكم من تلك الخطابات بالنسبة إلى جميع المستفيدين منها على نهج و هو باطل فإنا نرى أعيان العلماء و حملة الشريعة مختلفين في ذلك اختلافا شديدا و لا يمكن توهم التقصير في حقهم لما هم عليه من الجلالة و الفضيلة و الورع و التقوى و الجد و الاجتهاد بل لولاهم لما بقي من الشريعة اسم و لا رسم و هو واضح في الغاية و الحاصل إن قلنا إن الخطابات تعم الغائبين فنقول إن المخاطب أراد منها معنا و العلم بذلك المعنى المعين الذي أراده في حال الخطاب متعذر عادة لتوقفه على العلم بنفي جميع الاحتمالات المخالفة له و ذلك متعذر عادة و لا يجب على الحكيم المخاطب دفع جميع تلك الاحتمالات لعدم الدليل عليه و قبح الخطاب بما له ظاهر مع إرادة خلافه لا يكون دليلا على هذا لأن الذي كان على الحكيم من ذكر الخطاب على وجه يمكن الاستفادة منه قد أتى به و التقصير لا يحتمل بالنسبة إليه و إنما هو محتمل بالنسبة إلى نقلة الخطابات و رواتها و المفسرين لها من أهل اللغة و المخاطبين بها و لم يجب على الحكيم أن يعصمهم عن الخطأ و كيف يجوز للعاقل أن يدعي أنه يجب على الحكيم أن يعصم جميع المكلفين في معرفة معاني الخطابات مع أن المشاهد خلافه لكثرة وقوع الخطاء منهم في ذلك باعترافهم و احتمال كون المخطئ مقصّرا في التحصيل ضعيف جدا للعلم ببلوغه في الجد و الاجتهاد في ال غاية و يشهد بما ذكرناه عادة العقلاء فإنهم يخاطبون الغائبين بالمراسلة و نحوها و لا يلتزمون عصمة الرواة و النقلة و نصب الدلائل على صدقهم و مرادهم فإن قلت عدم التزامهم لعجزهم عن ذلك و الحكيم ليس بعاجز عن ذلك فيجب أن يعصمهم عن الخطأ قلنا لا نسلم أنهم عاجزون مطلقا بل في كثير من المقامات يتحقق لهم القدرة في نصب الدلائل على صدق الرواة و النقلة و مع ذلك يكتفون بالعادة الجارية التي لا تفيد إلا الظن غالبا و هذا واضح على ما ذكرناه فإن قلت إن من قال بأن الخطابات

اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست