responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 10
تعم الغائبين مذهبه أنهم مخاطبون بما يفهمونه منها حين اطلاعهم عليها و أن المراد من الخطاب بالنسبة إلى كلّ مكلف ما يفهمه و هذا يوجب العلم بالمراد من تلك الخطابات قلت هذا المذهب مما لا يمكن الإصغاء إليه لظهور فساده و بطلانه لاستلزامه الفساد العظيم في الدين و الهرج و المرج فيه مع أن مثل هذا الاستعمال لم يتفق في عرف أهل اللسان و اللغة و من العلوم أن الخطابات الشرعية جارية على قانون اللغة و من أنكر ذلك فلقد أنكر البديهي و زاحم الضروري و قد أشار إلى جملة مما ذكرناه جملة من المحققين و لا يقال لو لم تكن الخطابات مفيدة للعلم للزم التكليف بالظن و التالي باطل لقبح التكليف به فالمقدم مثله و أما الملازمة فلأنه لا شك في ثبوت التكليف بتلك الخطابات لانحصار مدارك الأحكام فيها لأنا نقول لا نسلم بطلان التالي و عدم جواز التكليف بالظن عقلا لما سيأتي إليه الإشارة سلمنا و لكن لا نسلم الملازمة إذ الحجة عليها إن كانت ما أشير إليه من انحصار مدارك الأحكام في تلك الخطابات فضعفها ظاهر للمنع من الانحصار و إن كان الإجماع فلا نسلمه لعدم العلم بأن كل العلماء حتى جميع أصحاب القول بعدم جواز العمل بالظن في الأحكام الشرعية الفرعية يذهبون إلى أن تلك الخطابات يجوز العمل بها و كيف يجوز هذه الدعوى منهم و الحال أن جميع تلك الخطابات و أكثرها لا يفيد العلم عادة كما بيّناه و عدم جواز التكليف بالظن عقلا لا يصير علّة لأن يفيد العلم ما لا يفيده عادة و إلا لزم أن يكون سائر الأمارات المفيدة للظن كالشهرة و الاستقراء مفيدة له تحقيق المطلب أن هذه الخطابات أسباب لإفادة الظن كما أن الشهرة و الاستقراء سببان لها و لا تفاوت بينهما عادة أصلا فكما لا يحصل العلم من الأخيرين عادة فكذلك من الأول فلو كان مجرد عدم التكليف بالظن سببا لإفادة الخطابات العلم بالحكم لكان سببا لإفادة الشهرة و الاستقراء كذلك لما عرفت من عدم الفرق بينهما و لا أحد يدعي هذا و يلتزم به فإن قلت الفرق بين الأمرين واضح فإن تلك الخطابات لما أوجب الحكيم العمل بها و علمنا أنه لا يجوز للحكيم إيجاب العمل بغير العلم حكمنا بأنها تفيد العلم و لا كذلك الشهرة و الاستقراء لأن الحكيم لم يوجب العمل بهما فلا يفيدان العلم قلت نمنع من أن الحكيم أوجب العمل بالخطابات مطلقا و في جميع الأحوال و أي دليل على ذلك فإن قلتم الإجماع قلنا هو ممنوع و إن قلتم العقل قلنا لا نعلم دلالته فإن قلتم الكتاب و السنة قلنا لا نسلم دلالتها عليه أيضا ثم إنا نقول يلزم على ما ذكرتم أن يكون كلما جوز الشرع العمل به مفيدا للعلم حتى الشهرة و الاستقراء إذا جوز الشارع العمل بهما و لا أظن أنكم تلتزمون به و أيضا نقول إن كان إفادة الخطابات العلم بالحكم الواقعي مشروطا عندكم بتجويز الشارع العمل بها فلا فائدة في البحث لأن بعد تسليم تجويز الشارع العمل بما يعمل بها سواء قلنا بأنها مفيدة للعلم بذلك أم لا فلا فائدة حينئذ في البحث عن كونها مفيدة للعلم كما لا يخفى و قبل ثبوت تجويز الشارع لذلك لا يجوز العمل بها لأنها بنفسها لا تفيد العلم بذلك و الحاصل أن من ادعى أن الخطابات تفيد العلم إن كان مراده أنها تفيد العلم بنفسها كالمتواتر و الخبر المحفوف بالقرائن القطعية فهو باطل لما بيّناه سابقا و إن كان مراده أنها تفيد العلم باعتبار أن الشارع جعلها حجة فهو باطل أيضا لعدم الدليل على أنه جعلها بأسرها حجة و لو سلمنا فنقول مجرد الحجية لا يستلزم ذلك و إلا لزم أن يكون كل مجتهد مصيبا و هو خلاف مذهب الشيعة فلو سلمنا ذلك فنقول لا فائدة في البحث حينئذ مع من يدعي أنها لا تفيد العلم لاعتراف المتنازعين بوجوب العمل بها بعد تنصيص الشارع على العمل بها و عدم ترتب فائدة على إفادتها العلم و عدمها فتدبّر و لا يقال لو لم يكن الكتاب و السنة مفيدين للعلم لما جاز الاستدلال بهما في مسائل أصول الدين و التالي باطل فالمقدم مثله أما الملازمة فلأن أصول الدين لا يجوز إثباتها إلا بالعلم و اليقين و أما بطلان التالي فلأن علماء الإسلام من العامة و الخاصة متفقون على جواز الاستدلال بهما في الأصول لأنا نراهم يستدلّون بهما فيها و لو لم يكن ذلك جائزا لما استدلوا بهما فيها على أنا نرى أن أرباب العصمة يستدلون بالكتاب فيها و هو أظهر دليل على كونه مفيدا للعلم لأنا نقول هذا الإيراد باطل لأنا نمنع من أن جميع أصول الدين يجب إثباته بالعلم و اليقين الكاشفين عن الواقع لعدم الدليل عليه لا من الإجماع و لا من الكتاب و لا من السنة و لا من العقل أما الأول فلأن المسألة خلافية فإن جماعة من المحققين صاروا إلى جواز التقليد في الأصول نعم المعظم صاروا إلى أنه لا يجوز التقليد فيها و أنه يجب الاستدلال فيها و لكن يمكن أن يكون مرادهم من الدليل الأعم من العلم الكاشف عن الواقع و الظن الذي جعله الشارع حجة و ربما كان استدلال العلماء بالكتاب و السنة في الأصول مع قول جمع كثير منهم بأنهما لا يفيدان العلم و قول جميعهم أو أكثرهم بأن أكثرهما لا يفيد العلم دليلا على صحة الاحتمال المذكور و على كونهما من الظنون المعتبرة في الأصول فتأمل و أما الثاني و الثالث فلأنا لم نجد منهما ما يفيد القطع بوجوب تحصيل القطع بالواقع في أصول الدين فظاهرهما إن دل عليه فلا يلتفت إليه هنا كما لا

اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست