و ليس التحفّظ على الإطلاق في أحد الطرفين للوجود الأوّل بأولى من التحفّظ على إطلاق الثاني للوجود الثاني. و لا يتوهّم أنّه يلزم من إطلاق الثاني للوجود الثاني الترخيص في المخالفة القطعيّة لو شرب الأوّل عصيانا أو نسيانا مثلا، فإنّ القبيح هو مجموع العمل الّذي به تحصل المخالفة القطعيّة، و ليس جزء هذا العمل - إن كان مأذونا فيه - قبيحا، و المفروض أنّ المولى لم يرخّص في المجموع، و إنّما رخّص في الجزء الثاني فقط، و ليس معنى الترخيص فيه الترخيص في أن يأتي بالأوّل حتى تصل النوبة إلى الثاني، و الشيء الّذي رخّص فيه إنّما هو مخالفة احتماليّة، و إنّما لزمت المخالفة القطعيّة من الجمع بين ما رخّص فيه و ما لم يرخّص فيه، فإن كان عن عمد كان معاقبا، و ليس الحرام الّذي لا يمكن الترخيص فيه عنوان المخالفة القطعيّة، حتى لا يمكن الترخيص في الجزء الأخير من علّته، و إنّما الّذي لا يمكن التر خيص فيه هو واقع المخالفة القطعيّة، و هو غير صادق على الوجود الثاني. الوجه السادس: أن يقال: إنّ الترخيص في المقام إنّما يعقل بأحد وجوه ثلاثة: 1 - الترخيص بلا قيد. 2 - الترخيص مع تقييد الموضوع بأنّ يرخّص المولى في حصّة من شرب أحدهما، و هي الحصّة المقترنة بترك الآخر. 3 - الترخيص مع تقييد الحكم بترك الآخر، بأن يرخّص المولى في طبيعيّ شرب هذا أو ذاك ترخيصا مقيّدا بترك الآخر، فالمرخّص فيه هو طبيعيّ شرب هذا الإناء، و لكنّ الترخيص ليس في كلّ الحالات، بل في حالة ترك الآخر، و لا يرد عليه عدم احتمال مطابقته للواقع لما مضى. و شيء من هذه الترخيصات غير معقول: أمّا الأوّل، فللزوم الترخيص في المخالفة القطعيّة. و أمّا الثاني، فلأنّ الشرب المقيّد بترك الآخر ليس بهذا العنوان محتمل الحرمة، حتى يأتي التأمين الظاهريّ عن هذا العنوان، و إنّما المحتمل حرمته هو طبيعيّ الشرب مطلقا، و قد مضى مرارا أنّ الإطلاق رفض للقيود، لا جمع بين تمام القيود. و أمّا الثالث، فلأنّه لا معنى لكون الحكم مقيّدا و الموضوع مطلقا، بأن يسري