كلّ واحد منهما على تقدير عدم إكرام الآخر، و ينتج من ذلك التخيير. هذا ما أفاده المحقّق العراقيّ رحمه اللّه في المقام. و هذا التقريب أحسن ممّا كان يقال قبل صاحب الكفاية من أنّ دليل البراءة و إن لم يجر في هذا المعيّن و في ذاك المعيّن، لكنّه يجري في أحدهما التخييريّ. و أجاب عنه الشيخ الأعظم [1] قدّس سرّه: بأنّ أحدهما التخييري ليس شيئا وراء هذا المعيّن و ذاك المعيّن، و إن أريد الفرد المردّد ورد عليه إشكال الفرد المردّد. فشبهة التخيير بالشكل الّذي طرحه المحقّق العراقيّ أمتن من التقريب الّذي أجاب عنه الشيخ الأعظم بذلك الجواب. و قد يجاب عنها بعدّة وجوه: الوجه الأوّل: ما نقله السيّد الأستاذ«»عن المحقّق النائينيّ رحمه اللّه من أنّ التقابل بين الإطلاق و التقييد تقابل العدم و الملكة، فإذا امتنع أحد هما امتنع الآخر، و في ما نحن فيه الإطلاق ممتنع، لمنافاته لحرمة المخالفة القطعيّة، فيمتنع التقييد أيضا، بأن تكون البراءة في كلّ واحد من الطرفين مقيّدة بعدم ارتكاب الآخر، فتسقط البراءتان رأسا. و أورد السيّد الأستاذ عليه«»بمنع كون التقابل بين الإطلاق و التقييد تقابل العدم و الملكة، حيث إنّ التقابل بينهما في رأي السيّد الأستاذ تقابل التضادّ. و قد مرّ منّا أنّ التقابل بينهما تقابل السلب و الإيجاب. و على أيّ حال، فبقطع النّظر عن المبني لا يتمّ هذا الوجه في المقام، و لا حاجة إلى الدخول في المناقشة في المبني فإنّه يرد عليه: أوّلا: أنّ كلّ واحد من الإطلاقين ليس في نفسه ممتنعا، و إنّما الممتنع اجتماعهما، و القابليّة التي تؤخذ في تقابل العدم و الملكة إنّما هي القابليّة في مصبّ التقابل، و مصبّ التقابل في ما نحن فيه - و هو كلّ واحد من الإطلاقين في نفسه - غير
[1] طريقة البحث في رسائل الشيخ الأعظم تختلف عن هذه الطريقة، راجع الرسائل: ص 245 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة اللّه.