من حد خاص من وجود السواد و عنوان السواد
الشديد من حده الاخر يكشف ذلك عن اختلاف الوجودين اللذين انتزع العنوانان المختلفان
منهما إذ لا يعقل اختلاف العنوان المنتزع من دون الاختلاف في منشأ الانتزاع (فان
قلت) كيف ينتزع من وجود زيد مثلا ضارب تارة و غير ضارب أخرى و جالس تارة و قائم
أخرى مع بقائه على الوحدة (قلت) العناوين المذكورة لا تنتزع عن مرتبة الذات بل هي
منتزعة من امر خارج عنها و ثبوت ذلك الأمر الخارج عن الذات يختلف قد يكون الذات
متصفة بعرض و قد تكون متصفة بضده بخلاف مثل السواد الضعيف و الشديد فانهما منتزعان
من حد خاص من الوجود من دون دخل امر خارجي فحينئذ لو لم يتعدد الوجود الّذي هو
منشأ لانتزاع كل من المفهومين فكيف يختلف المعنى المنتزع و من هنا ظهر ان استصحاب
بقاء السواد فيما قطع بتبدله على تقدير البقاء مبنى على أحد امرين اما جواز
استصحاب الكلي الّذي يكون من القسم الثالث و اما القول بوحدة هذين الوجودين بنظر
العرف و ان كانا متعددين في نظر العقل فاحفظ ذلك ثم بعد ما علمت من لزوم اتحاد
الموضوع في القضية المتيقنة و المشكوكة هل الحاكم بالاتحاد هو العقل و الدليل أو
العرف و الفرق بين الأول و الأخيرين غير محتاج إلى البيان و الفرق بين الثاني و
الثالث انه بناء على الثاني ينظر فيما جعل موضوعاً للقضية عند العرف فان أخذ فيها
الشيء المقيد فبارتفاع القيد يختلف ذلك الشيء و يصير موضوعاً اخر و ان أخذ فيها
ذات الشيء و جعل حصوله شرطا للحكم فالموضوع هو تلك الذات و لا يختلف بارتفاع ذلك
الأمر الّذي جعل شرطاً فيها للحكم مثلا فالموضوع في قضية الماء المتغيرة نجس هو
الماء المتغير دون قضية الماء نجس إذا تغير فان الموضوع بفهم العرف هو الماء و
التغير علة لثبوت النجاسة للماء و إذا زال التغيير و شك في ارتفاع النجاسة أو
بقائها من جهة الشك في ان حدوثه علة للنجاسة حدوثا و بقاء أو ان الحكم دائر مداره
فلا مانع لاستصحابه و اما بناء على الأخير