بتخصيص دليله بدليلها فلا وجه له، لما عرفت من أنّه لا يكون - مع و حيث عرفت سابقا عدم صحّة التقريب الثاني منه، و أنّ الأوّل منه لا يتمّ في الاستصحاب الموافق، ظهر لك أنّ الحق هو الورود في المخالف، و التوفيق العرفي في الموافق، فافهم. هذا كلّه في تقدّم الأمارة على الاستصحاب، و أمّا تقدّمها على غيره من الأصول من البراءة و التخيير و الاحتياط فلم يذكره في العبارة. أقول: أمّا العقليّة منهما كالتخيير و البراءة و الاحتياط العقليّين فلا إشكال في ورودها عليها، لأنّ موضوع الأوّل عدم المرجّح، و الثاني اللا ّ بيانيّة، بمعنى عدم شيء يصحّ معه المؤاخذة، و الثالث احتمال العقوبة، و الحجّة مرجّح و بيان و مؤمّن من العقوبة. و أمّا النقلي كالبراءة النقليّة و الاحتياط النقلي - على قول الأخباريّين - ففي تقدّم الأمارة عليه وجوه أربعة: أحدها: الورود، و هو مختار الماتن على ما صرّح به في الدرس، و قرّبه في الحاشية بما حاصله: أنّ موضوع الأصل النقلي هو ما لم يعلم حكمه بوجه من الوجوه، و قد علم حكم المورد بعد قيام الأمارة بعنوان قيام الأمارة، فيرتفع موضوعه، و لزوم الأخذ بدليلها دون دليله لما تقدّم من كون الأوّل بلا محذور، بخلاف الثاني، فإنّه يلزم التخصيص بلا مخصّص أو بوجه دائر. و فيه أوّلا: أنّ الظاهر من الشكّ في دليله هو الشكّ في الحكم الواقعي و بعد قيام الأمارة يكون الشكّ فيه موجودا. و ثانيا: أنّه - على تقدير تسليمه - يتمّ بناء على جعل الحكم، و إلاّ فبناء على جعل الحجّيّة فلا، لعدم العلم بالحكم الواقعي و لا بالظاهري. و ثالثا: أنّ الظاهر من دليله - على تقدير تسليم كون موضوعه عدم العلم