ففيه وجوه: الحكم بالبراءة عقلا و نقلا لعموم النقل، و حكم العقل بقبح المؤاخذة على خصوص الوجوب أو الحرمة للجهل به، و وجوب الأخذ على أحدهما، أو يترتّب على كليهما، و لكن كلاهما مطابقان للتكليف، أو أحدهما، أو ليسا من قبيل الإلزام. و أمّا إذا لزم المحذور المتقدّم بأحد الوجوه الثلاثة - المخالفة للتكليف المعلوم تفصيلا المتولّد علمه من العلم الإجمالي، و المخالفة للتكليف المعلوم إجمالا، كان خطابه تفصيليّا أو إجماليّا - فالجاري فيه قاعدة الاحتياط. الثالث: أنّ للمسألة - بحسب كون الحكمين تعبّديّين أو توصّليّين أو بالاختلاف - أربع صور: إحداها: أن يكون كلّ واحد منهما تعبّديّا. الثانية: أن يكون أحدهما المعيّن كذلك. الثالثة: أن يكون أحدهما لا بعينه كذلك. الرابعة: أن يكون كلّ واحد توصّليّا. و لا إشكال في دخول الأخيرتين في محلّ البحث، و أمّا الأوليان فالظاهر أنّهما كذلك لجريان جميع الوجوه إلاّ اثنين منها، و هما الأوّل و الأخير، أمّا عدم جريانهما فلأنّ الرجوع إلى البراءة مستلزم للمخالفة القطعيّة العمليّة، لأنّ معنى البراءة: هو التخيير بين الفعل و الترك من دون لزوم قصد القربة، ففي صورة كون كليهما تعبّديّين، يلزم المحذور على كلّ من تقدير الفعل و الترك، في صورة كون أحدهما المعيّن يلزم إذا اختار ذلك، كما إذا أتى مع كون الوجوب تعبّديّا، أو ترك مع كون الحرمة تعبّديّة«»من دون قصد قربة في البين، و أمّا إذا اختار الطرف الآخر فلا يلزم،