responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 292

على ما ذكرنا من عدم الملازمة بين وجوبها و كونها شرطا في الواجبات في ردّ من تمسّك بمذمة العقلاء على من يأت المأمور به بالدّواعي النفسانية لا بقصد إطاعة المولى إذ فرق بين استفادته من قول الآمر بعد صدور الأوامر منه أطعني في أوامري إذ من المحتمل قويّا بل المتعيّن كون الوجوب المستفاد من مذمّة العقلاء نفسيّا لا شرطيّا بأن يكون الإطاعة واجبا آخر في عرض سائر الواجبات حسبما مرّ بيانه سابقا بعد تسليم حكم العقل و تسليم دلالته على الوجوب و ليس كذلك الوجوب المستفاد من أوامر الإطاعة إذ ليس الغرض منها إلا امتثال الأوامر على وجه مخصوص فكيف يمكن دعوى عدم استفادة التقييد و الاشتراط منها و بعبارة أخرى أوامر الإطاعة بقضاء الوجدان السّليم و الذّهن المستقيم ناظرة إلى تلك الأوامر حاكمة عليها من حيث دلالتها على اشتراط الإطاعة في سائر الأوامر و لا ينبغي الاستيحاش من استفادة الوجوب الشرطي من الأمر كيف و أكثر شرائط العبادات مستفادة عن الأوامر و إن كان لصاحب المدارك فيه كلام هذا كلّه مع أن الوجوب النّفسي في الإطاعة مما لم يحم حولها أحد بل عن بعض دعوى قيام الإجماع على عدم ذلك (الثّالث) ما هو الصّحيح عندنا من أنّ الاستدلال بالآية كما عرفت مبني على أن يكون المراد من الإطاعة ما يتوقف عليها حقيقتها من إيجاد المأمور به قاصدا لموافقة الأمر و هو في حيّز المنع بل المراد منها هنا مجرّد الإتيان بالمأمور به و عدم العصيان بالترك و هذا بعد تسليم كونه معنى مجازيّا لها يدل على الالتزام به هنا أمور (منها) غلبة استعمال الإطاعة في ذلك في الكتاب و السّنة و المحاورات كما في قوله تعالى‌ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ‌ و قوله تعالى‌ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً و قوله تعالى‌ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ‌ فإنّ مقابلة الإطاعة فيها بالتولّي الّذي هو عبارة عن ترك الحق و الإعراض عنه بتصريح المفسّرين قرينة واضحة على إرادة عموم العصيان منها و في الأدعية من أطاعكم فقد أطاع اللّه و من عصاكم فقد عصى اللّه فإنّ المراد منها ليس إلاّ ذلك لمكان المقابلة بالعصيان و من ذلك وجوب إطاعة العبد سيده و إطاعة الوالدين و قولهم هذا عبد مطيع و زوجة مطيعة و أمثال ذلك ممّا لا يحصى عددا (و منها) قوله تعالى بعد الأمر بالإطاعة و من يعص اللّه و رسوله الآية فإن في تعقيب الأمر بالإطاعة بالتهديد على مجرّد المعصية الّتي هي عبارة عن ترك الواجب كمال للشّهادة على أن الغرض من الإطاعة المأمور بها الخروج عن تبعة العصيان (و منها) عطف و أطيعوا الرّسول ضرورة قيام الإجماع بل الضّرورة على عدم اشتراط قصد القربة في امتثال أوامر النّبي المختصّة به (و منها) أن الآية بعمومها شاملة للواجبات و المحرّمات و من الواضح المعلوم عدم توقف سقوط التكليف بالحرام على نية القربة (و منها) لزوم التخصيص بالأكثر بناء على تفسيره بما ذكره المستدلّ لخروج الواجبات التوصلية على كثرتها منها بخلاف ما ذكرنا لسرايته في جميع الواجبات توصّليها و تعبّديها (الأمر الثّالث) الأخبار الواردة في إناطة الأعمال بالنية كقوله لا عمل إلاّ بالنية و إنّما الأعمال بالنيّات و لكلّ امرئ ما نوى و تقريب الاستدلال بها هو أن المراد من العمل مطلق الواجبات الشاملة للتوصليات و من النية قصد القربة فيكون مفاد قوله لا عمل إلاّ بالنّية بعد حمل النفي فيها على الصّحة لكونها أقرب المجازات إلى الحقيقة بعد تعذّر إرادتها للزوم الكذب أنّه لا شي‌ء من الواجبات يترتب عليها أثر من الآثار المقصودة منها من سقوط الأمر و استحقاق الثواب و غير ذلك إلا بقصد القربة و هو المطلوب و فيه (أوّلا) أنّ صرف النية عن ظاهرها الّذي هو مطلق القصد إلى خصوص قصد القربة تجوز يتوقف على نصب قرينة عليه المقطوع بانتفائها فلا ضرورة تقتضيه (و ثانيا) أن ظاهر هذه الأخبار توقف مطلق الأعمال على النية سواء كان من الأعمال الشرعية أو غيرها و سواء كان من الواجبات التوصّلية أو التعبدية و هو بديهي الفساد كيف و عمل السّاهي و الغافل و النائم بل المجنون عمل فكيف لا يكون العمل و لا يتحقق في الخارج إلا بالنية فلا بدّ من حملها إمّا على خصوص العبادات و الطاعات نظرا إلى استعماله فيها في الأخبار المرويّة و الأدعية المأثورة منهم (عليهم السلام) كثيرا ففي الحديث هلك العالمون إلاّ العادلون و في الدّعاء اللّهمّ لا عمل لي أستحق به الجنة و غير ذلك و عليه فتكون مسوقة لبيان‌

اعتبار النية بأيّ معنى فسّرت في العبادات خاصّة فلا مساس لها بالمدّعى و إمّا على خصوص الأعمال المشتركة الّتي لا يحصل التميز بين عناوينها المخصوصة في الخارج إلاّ بالنّية سواء كانت من العبادات كصلاتي الظّهر و العصر و الأداء و القضاء و فريضة الفجر و نافلته و نحوها من العبادات المشتركة في الخارج من جميع الوجوه إلاّ في النيّة أو كانت من غيرها كضرب اليتيم مثلا المشترك بين الظّلم و التأديب إذ لا تميز بينهما عدا القصد و النية و كالقيام المشترك بين ما يطرأ عليه من العناوين كالتواضع و الإهانة و الراحة و كالنيابة في الأعمال القابلة لها فإن صيرورتها لبعض دون بعض يحتاج إلى النية و القصد و على التقديرين يسقط عن الدلالة على المدعى كما لا يخفى لتوقفها على مقدّمتين (الأولى) أن يكون المراد بالأعمال خصوص الواجبات الشرعية (و الثّانية) أن يكون المراد بالنية قصد

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 292
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست