responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 293

القربة و هما في أقصى أودية المنع و الإنكار فالإنصاف أن الغرض من الرّوايات هو مفاد قوله (عليه السلام) لكلّ امرئ ما نوى من أن انتفاع الإنسان من عمله إنما هو انتفاع كلّ شخص من عمله هو بقدر نيّته و هذا مطّرد في التوصّليات‌

تذنيبان‌

الأوّل‌

هو أن الواجب على ما عرفه الفقهاء و المتكلّمون ما يستحق فاعله المدح و الثواب و الحرام ما يستحق فاعله الذّم و العقاب و ظاهرهم إرادة الاستحقاق العقلي دون الشرعي قبالا للأشاعرة المنكرين لذلك و عليه فيشكل فيما أخذوه في حدّ الواجب من الثواب إذ أقصى ما يحكم به العقل فيه إنما هو استحقاق المدح و أمّا استحقاق الثواب فلا مسرح للعقل فيه و إنّما يكون ذلك بحكم الشرع (و كيف كان) فحد الواجب غير مستقيم لانتقاضه طردا بالواجبات التوصّلية طرّا لعدم اعتبار قصد التقرب و إتيان الواجب لداعي الأمر به و بالجملة غسل الثّوب النّجس مثلا الصّادر من الفاعل لا لداعي الأمر به واجب بداهة مع أن فاعله غير مستحق بشي‌ء من المدح و الثواب قطعا و حينئذ فينحصر تعريفهم للواجب في خصوص الواجبات التعبّدية اللّهمّ إلاّ أن يكون مرادهم من الاستحقاق المأخوذ في تعريفه ثبوته و لو في الجملة بمعنى أنّه لو شاء استحقاق المدح و الثواب أمكن له ذلك بإتيان المأمور به لداعي الأمر و من المعلوم أن هذا النوع من الاستحقاق مطرد في التوصّليات بأسرها إلا أنّه نقض عن الإيراد ببيان المراد إذ الظّاهر من الاستحقاق هو الاستحقاق الفعلي على سبيل الإطلاق و إرادة الثّاني منه مجاز لا يصار إليه في الحدود سيّما مع انتفاء القرينة بل قيام القرينة على خلافه فإن قضية مقابلته بالاستحقاق المأخوذ في تعريف الحرام المحمول على ما هو الظّاهر منه إرادة الظّاهر منه أيضا و قد انقدح ممّا قدمناه أن استحقاق المدح و الثواب فرع إتيان المأمور به سواء كان توصّليا أم تعبديا لداعي الأمر ضرورة أنّه ليس لنا واجب يستحق فاعله الثواب و إن لم يقصد التقرب به و لم نجد مصرحا بخلافه عدا صاحب الفصول حيث صرّح في كلامه الآتي أن الواجب قد يكون فعله مستتبعا للثواب بدون القربة ممثلا له بالإيمان و النية و هو توهّم فاسد و خيال بارد فإن ترتب الثواب إنّما هو من آثار الامتثال و الانقياد الّذين لا ينفكان عن قصد القربة و إتيان المأمور به لداعي أمر المولى و أمّا الإيمان فالثواب المترتب عليه إنما هو ثابت شرعا من النقل نظير ترتب الثواب على نفس المهموم و غير ذلك من موارد الثواب التفضّلي دون الاستحقاقي الّتي لا تحصى عدد ذلك لأن الأمر بالإيمان لا يعقل كونه أمرا شرعيّا لاستلزامه الدّور المستحيل انفكاكه بل إنّما هو أمر إرشادي و الحكم بوجوبه هو العقل تفصيا عن الضرر المحتمل و مرجعه إلى وجوب النظر في المقدّمات نظير وجوب النظر في المعجزات الّذي لا يعقل أن يكون وجوبه شرعيّا أيضا فإن ثبوت الشرع متوقف على النظر فلو توقّف وجوبه على الشرع استلزم الدّور و مع ذلك فكيف يمكن أن يكون الثواب المترتب عليه ثواب امتثال الأمر الشرعي بقصد القربة و أمّا النية و إن امتنع اعتبار النية فيها و إلاّ لدار أو تسلسل إلاّ أن ترتب الثواب عليها في حيّز المنع و ليت شعري كيف ينبغي الثواب فعلها مع أن من البداهة بمكان عدم استحقاق الممتثل بالواجب الآتي به بقصد القربة لثوابين أحدهما على نفس الفعل و الآخر على النية

الثّاني‌

هو أنّ جميع ما ذكرنا في الواجب من انقسامه إلى تعبّدي يعتبر فيه قصد القربة و توصّلي لا يعتبر فيه ذلك و توقف حصول الثواب على قصد التقرب به بعينه جار في النّدب أيضا فينقسم باعتبار اعتبار القربة فيه و عدمه إلى توصلي و تعبّدي و يتوقف استتباعه للثواب على إثباته بداعي الأمر من غير فرق بين القسمين فيأتي فيه الخلاف المقرر في تأسيس الأصل و لازم كلّ ذي مذهب العمل بمذهبه و لعلّ ذلك هو ظاهر الجلّ بل الكلّ عدا صاحب الفصول حيث ذهب إلى تفصيل لم نعثر على موافق له في ذلك قال إن الأمر الندبي إن دلّ دليل على ترتب الثواب على مورده مطلقا كما دلّ عليه في بعض الواجبات كالإيمان و النية أو على كراهة تركه من حيث إيجابه لمنقصة دينية أو دنيوية موجبة لمنقصة دينية لم يلزم أن يعتبر في استحبابه وقوعه بنية القربة و إلاّ لزم فيه ذلك لانتفاء رجحانه على تقدير عدم القربة و الفرق بينه و بين الواجب أن الواجب يترتب على تركه استحقاق العقوبة الموجب لمرجوحية المستلزمة لرجحان الفعل قضاء لحق المقابلة بخلاف المندوب الذي لا ثواب في فعله بدون القربة أصلا فيتعين أن يكون استحبابه مقصودا على تقدير قصد القربة لرجحانه حينئذ باعتبار ترتب الثواب عليه انتهى كلامه بتغيير يسير و فيه (أوّلا) أنّه لم نعثر على مستحب يترتب على فعله الثواب و أن يأت به بقصد القربة كيف و ترتب الثواب من شأنه و قد عرفت منعه في الواجب فضلا عن المندوب (و ثانيا) أن ترك المستحب لا يتصف بالكراهة المصطلحة كما أن ترك الواجب لا يتصف بالحرام المصطلح (و ثالثا) أنّ من المعلوم أن ترك المستحب لا يورث منقصة دينية أو دنيوية موجبة لمنقصة دينية فإن المعتبر في المستحب إنما هو رجحان الفعل الغير المستلزم فوته للمنقصة و هذا هو الفارق بينه و بين الواجب إذ الواجب ما كان فعله راجحا و تركه منقصة (و رابعا) أنّه قد مرّ من المندوب ما هو توصلي لا يتوقف وجوده في الخارج على قصد التقرب و إن توقف عليه ترتب الثواب و ذلك‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست