responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 291

الآية بعد تسليم دلالتها على اعتبار قصد القربة إنّما هو اعتباره في أوامر أهل الكتاب و واجباتهم و ذلك غير مجد في إتيان ما رامه المستدلّ من تأسيس الأصل بالنّسبة إلى واجباتنا فالاستدلال بالآية بعد تسليم الغاية إنّما يتم بالنّسبة إلى تكاليفنا فيما لو كانت عين تكاليف أهل الكتاب الّتي ثبت اعتبار قصد القربة فيها بالآية و حيثما لم يكن الأمر كذلك فلا تدلّ الآية على اعتبار قصد القربة فيه إلاّ أن تقول بمقالة بعض الأفاضل من أنّ الآية بمنزلة الأصل و القاعدة فيكون مفادها اعتبار القربة في جميع واجباتهم و حينئذ فمقتضى الاستصحاب أو قوله‌ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ انسحاب هذا الحكم في هذه الشّريعة و لا يتفاوت فيها الحال بين أن يكون هذه الواجبات مغايرة لواجباتهم أم لا و هو كما ترى إذ الآية غير دالّة على ذلك بوجه من الوجوه كما لا يخفى على ذو مسكة و هنا أجوبة أخرى كلّها موهونة لا يوجب التعرّض لها بما فيها عدا الإطناب المخلّ و البسط الممل فهي بالإعراض عنها أجدر (الأمر الثّاني) قوله تعالى‌ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ‌ فإن حقيقة الإطاعة متوقفة على إيجاد المأمور به على وجه التقرب و أجيب عنه بوجوه الأوّل ما ذكره في الفصول من أنّ الأمر بالإطاعة مطلق و ليس بعام فلا يتناول محلّ النزاع و هذا الكلام خال عن التحصيل بحيث يتناكره أقلّ أهل التّحصيل فضلا عن مثل هذا النّحرير الجليل و لعلّه نشأ من طغيان القلم و ذلك لقيام القرائن الثلاثة من حذف المتعلّق و قرينة الحكمة و دليل العقل على إفادتها للعموم (أمّا الأوّل) فواضح فإن متعلّق الإطاعة غير مذكور في الآية و قد تداول في كتب القوم أنّ حذف المتعلّق يفيد العموم و كلماتهم بذلك مشحونة (و أمّا الثّاني) فأوضح إذ لا مجال لإنكار اقتضاء الحكمة في كثير من موارد العموم كما لا مجال لإنكار الحمل على العموم فيما اقتضته من الموارد و لا فرق في ذلك بين المثبت و المنفي و إن كان اقتضاؤها له في الثاني أكثر من اقتضائها له في الأول بكثير و ذلك لأنّ إرادة الفرد المعيّن في المنفي كقولك لا تكرم الرّجل مثلا و الحال أن القرينة على ذلك منتفية مستلزم لتأخير البيان المستلزم للإغراء بالجهل و إرادة طلب الماهيّة و لو في ضمن فرد مخير يوجب اللّغوية في الكلام و كون مفاده طلب الحاصل إذ من المحال عادة استيعاب المخاطب إكرام جميع الرّجال فعدم إكرام رجل ما لا على سبيل التعيين حاصل بدون الطّلب فلا يصحّ حمل المثال على الأوّل حذرا عن الإغراء بالجهل و لا على الثاني فرارا عن طلب ما هو حاصل الّذي يتجنب عنه الآمر الغافل فلا جرم من حمله على إرادة العموم و هذا بخلاف المثبت إذ لا محذور في إرادة طلب الطّبيعة الحاصلة بإيجادها و لو في ضمن فرد ما في قول القائل أعتق رقبة و أكرم رجلا و نحوهما و لكن لا كلّية في ذلك أيضا فإنه قد تقتضي الحكمة العموم في المثبت كما في أحلّ الله البيع و أنزلنا من السّماء ماء طهورا و نظائرهما و بالجملة يتبع الحكم بالعموم موارد وجود الحكمة سواء كان في النفي أو في الإثبات و من الموارد الّتي اقتضته في المثبت ما نحن فيه إذ يتمشى هنا جميع ما ذكرناه في المنفي حذوا بحذو ضرورة أن طلب إيجاد الإطاعة من ضمن أمر معيّن مستلزم للتأخير و إيجادها في ضمن فرد ما طلب للحاصل فإنّ إيجاد الإطاعة في ضمن أمر حاصل لكلّ عبد مؤمن من غير صدور أمر فلا محيص عن الحمل على العموم و هو المطلوب و ما ذكره (رحمه الله) من أن القطع بعدم إرادة إيجاد الإطاعة في ضمن أمر لا يقتضي القطع بإرادة إيجادها في ضمن كلّ أمر حتى في مورد النزاع غير مفهوم المراد إذ ظاهره بديهي الفساد لعدم الواسطة بين الموجبة الجزئية و الكلّية بعد القطع بعدم إرادة الإطاعة في الجملة يتعين الحمل على المبهم أو العموم و لا سبيل إلى الأوّل لافتقاره إلى القرينة المفقودة في المقام فتعيّن الثاني (و أمّا الثّالث) فلاستقلال العقل بحسن الإطاعة و لا يعقل إهمال و لا إجمال في مستقلاّت العقل و وجدانياته فلا معنى يتصوّر لاختصاصها بمحلّ دون محلّ كيف و حسن الإطاعة ذاتي لا يتبدل بالوجوه و الاعتبار هذا و الإنصاف أن القرينة الدّالّة على العموم ليست إلا قرينة الحكمة فإن حذف المتعلّق و إن كان ظاهر الأكثرين كونه دالاّ على العموم إلا أنّ التحقيق فيه أن منشأ دلالته على العموم في مواردها ليس إلا اقتضاء الحكمة و أمّا حكم العقل بحسن الإطاعة فلا

يستقيم جعله قرينة على عموم الحكم في الآية فإن قرينيته فرع كون ما أدركه العقل على طبق مدلول الآية و ليس الأمر كذلك لأنّ غرض المستدل هو إثبات وجوب التعبد في الواجبات و حسن الإطاعة ليس حسنا ملزما يقتضي الوجوب بل إنما هو الحسن بالمعنى الأعم المطابق للاستحباب كيف و لو كان العقل مدركا لحسن الإطاعة ملزما لكان هو أولى بالحجّية على أصالة التعبديّة بل كان هو الدّليل القاطع و البرهان السّاطع و حيث اختلف الحكمان فلا معنى لجعله قرينة بل و لا تأييدا (الثاني) ما ذكره بعض المحققين فإنّه بعد أن أجاب بما هو الصّواب في الجواب قال و مع الغضّ عن ذلك لو أخذ بظواهر الأوامر فلا يقتضي ذلك بتقييد المطلوب في سائر الأوامر إذ غاية ما يفيده هذه الأوامر وجوب تحصيل معنى الامتثال و الانقياد و هو أمر آخر وراء وجوب الإتيان بالمأمور به على وجه الامتثال فالآتي بالمأمور به لا على وجه الامتثال لا يكون آتيا بالمأمور به بهذه الأوامر و لا يستلزم ذلك عدم إتيانه بما أمر به في تلك انتهى و لا معنى محصّل له أيضا إذ الظّاهر استفادة التقييد في الأوامر من الآية بعد تسليم دلالتها على وجوب الإطاعة بالمعنى المذكور و ليس من الصّحيح قياسه‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 291
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست