responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 215

فلا كعبا بلغت و لا كلابا و جعل في المنية من أمثلة ذلك ذق إنّك أنت العزيز الكريم و أورد عليه بأن الظّاهر كونها للتشنيع كقول المتشمّت لمن يعذّب ذق حرّ النّار أو لبيان الاستحقاق و هذا أشبه‌

و منها الامتنان‌

نحو كلوا من ثمره إذا أثمر و فيه نظر لأنّه بالرّخصة أشبه و في المنية تمثيله بقوله تعالى كلوا ممّا رزقكم اللّه و هو حسن‌

و منها الإكرام‌

نحو ادخلوها بسلام آمنين و يمكن أن يجعل من الوفاء بالعهد فيكون أيضا من الرخصة

و منها التّسخير

مثاله قوله تعالى كونوا قردة خاسئين قيل و حقيقته وقوع الانفعال بالقول و إلا حسن تبديل الوقوع بالتّحقيق و ربّما خصّ هذا باسم الإنقام أي تذكر النقمة بقوله كونوا

و منها التكوين‌

أي تحقق الوجود بالقول نحو قوله تعالى‌ كُنْ فَيَكُونُ* و فيه نظر لأنّه حكاية عن كيفية التكوين و ليس المقصود به تحقيق الكون و إنّما هو كذلك فيما ورد عينان قال اللّه تعالى كونا فكانتا و ذكر بعض الأعاظم أنّ الفرق بين هذا و سابقه أن ما وقع بالأمر إن كان هو التغيير فهو التّسخير و إن كان هو الإيجاد فهو التكوين قال و قريب من هذا قول من رأي عن بعيد مقبلا لا يقطع به كن فلانا كأنه يدعي أنّه كوّنه أي جعله فلانا لإصابة حدسه على شدّة البعد (قلت) و هذا الاستعمال غير معهود في العرف لكنّه (قدّس سرّه) أعرف منا باللّسان‌

و منها الاحتقار

و عدم المبالات نحو أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ* و فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ‌

و منها التّمني‌

ألا يا أيها اللّيل الطّويل ألا انجلي‌* * * بصبح و ما الإصباح منك بأمثل‌

و في كون التمنّي هنا مستفادا من الصّيغة نظر

و منها الخطر

كما تقول لمن تلاحظه بعين السّياسة صرّم أوقاتك في المناكحات ذكره بعض المهرة ثم قال و قد يعبّر عن هذا بالتنزيه أي تنزه عن ذلك و هو بالحظر أشبه ثم قال و الفرق بينه و بين التهديد أن التهديد حيث يكون مواقعا للفعل و الحظر قبل المواقعة كما ترى و لذا يرمق أهل اللّهو فتقول اجلس معهم‌

و منها الاستغاثة

و انقطاع الحيلة كما يقول الغريق و المتردي أنقذوني أدركوني ارحموني‌

و منها العجب‌

انظر كيف ضربوا لك الأمثال‌

و منها التكذيب‌

قل فأتوا بالتورية قاتلوها قل هلم شهداءكم الّذين يشهدون أنّ اللّه حرّم هذا

و منها المشورة

فانظر ما ذا ترى‌

و منها التعجب‌

كأفعل به في مقام التعجّب نحو أسمع بهم و أبصر

و منها البشارة

انتظروا ثلاثة أيّام يأتيكم الفرج‌

و منها التصويب‌

كما يقول لك صاحبك وجدت فلانا يشتم أمّه و يضرب أباه فلطمته و أوجعته ضربا فتقول اضربه‌

و منها التسوية

فاصبروا أو لا تصبروا ذكره العميدي و فيه نظر

و منها الإخبار

نحو إذا لم تستحي فاصنع ما شئت إذ المراد صنعت و ذلك أنّ الشّرط هنا للتّسبيب و الغرض بيان أنّ قلّة الحياء سبب لعدم المبالات و ارتكاب المنكرات و هذا الاستعمال عندي غير ثابت و لا صحيح و إن ذكره العلاّمة (رحمه الله) في كتابيه و تبعه غير واحد من الأفاضل لعدم مساعدة الاستعمالات العرفية عليه و إن ساعد على استعمال الإخبار في الإنشاء على تأمّل أو منع في ذلك أيضا إلاّ ما كان من قبيل المشترك بين الإخبار و الإنشاء لغة أو عرفا مثل صيغة بعت و اشتريت و استفادة المعاني الإنشائية من الجمل الخبريّة أحيانا لا ينافي ما ذكرنا لأنّ الاستفادة أعمّ من أن يكون على وجه الاستعمال و لعلّ المراد باستعمال الأمر في الإخبار أيضا مجرّد الاستفادة بل الأمر كذلك في جميع المعاني المذكورة لأنّ الإنذار و التهديد و الامتنان و الإكرام و التسخير و التكوين و التعجب و التمني و الاحتقار و الإهانة و التصويب و ما أشبهها هي الأغراض الباعثة على الأمر و ليس الأمر مستعملا فيها و إنما يستفاد بحسب مقامات الكلام و بملاحظة مساقة فالمستعمل فيه في الكلّ أحد أمرين إمّا الإرادة أو إظهارها أو الاقتضاء على اختلاف سبق أو الإباحة و الرّخصة و إنّما الاختلاف في الغرض الدّاعي الباعث على تلك الإرادة أو إظهارها فقد يكون الغرض حصول المراد في الخارج و قد يكون الغرض انتقال المخاطب المأمور إلى بعض لوازمها كالرّضاء و الإذن القلبيين فيكون إباحة أو استخبار حاله في الإطاعة و المعصية فيكون امتحانا أو غير ذلك ممّا لا يخفى على العارف بمقامات الكلام فليس الاختلاف الموجود في استعمالات الأمر على كثرتها اختلافا راجعا إلى المعنى حتى يكون بعضها حقيقة و بعضها مجازا في الكلمة بل إلى فوائد الأمر و الأغراض الباعثة على الكلام فيكون حقيقة في الجميع و إن كان ما عدا الطّلب على وجه اللّزوم أو النّدب أو مطلقا محتاجا إلى القرينة نظير ما حققنا في الكناية بناء على كون الأصل في الكلام تعلّق الغرض بمدلوله فيكون الأصل في الطّلب تعلّق الغرض الداعي بالمطلوب حتى يساعد على خلافه مقام الكلام أو شي‌ء من قرائن الحال أو المقال و بذلك يستراح عمّا صدّع به بعض الأعاظم حيث أخذ بعد ذكر المعاني المشار إليها في بيان العلاقة المصححة للاستعمال فيما عدا الوجوب الّذي هو الأصل زعما منه أن صيغة افعل جاءت مستعملة في نفس الأشياء المفصّلة مع أنّ منها ما لا يتعقّل أن يكون مستعملا فيه فإن استعمال الأمر في التسخير كيف يتصوّر أن يكون على حدّ استعمالها في الطّلب فقال و ليس التعداد أي تعداد استعمالات الأمر بمهمّ و إن عزّ على الطلبة و إنما يدقّ النظر في الفرق بين تلك الاعتبارات بملاحظة مقامات الأحوال و في تعرف الوجه المحسن لاستعمال الصّيغة في تلك المعاني كما ترى في النّدب من مشاركة المندوب للواجب في المصلحة في الجملة و في الإرشاد من مشاركة الواجب في اللّزوم بحسب الحكمة و إن عادت المصلحة فيه على المخاطب و في الدّعاء من المشاركة فيه بادّعاء أنّه لا بدّ منه لمكان الحاجة و كذا الاستعانة و السّؤال و الالتماس و الشّفاعة كما تقول في التهديد إنّه أخرج الفعل المهدّد مخرج المطلوب‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 215
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست