responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 216

مع كراهته له و قدرته على الانتقام عنه ليعلم أنّه قد أسقطه من عين رعايته حتى صار يطلب له ما يورده موارد الهلكة طلب العدوّ لعدوّه و أنّه لا يفوته قال و الفرق بينه و بين الإنذار أن التهديد يكون بإخراج المكروه مخرج المطلوب لما مرّ بخلاف الإنذار فإنّه بما بعد الأمر كما تقول انتظر ثلاثة أيام و آتيك بمن يأخذك [مصغّرا] مصعّدا و انتظروا ثلاثة و أدهمكم بجيش يقصر له الفضاء و ليس الغرض من الأمر الطّلب بل حصر مدّة الانتظار فكأنّه قيل اقتصروا في ذلك على هذا العدد أي إنكم لا تمهلون أكثر من ذلك و على هذا النمط القول في البشارة لإظهار عدم المبالاة و في التّمني كما يقال في السّؤال إذ لا فرق إلاّ أنّ ذلك سائغ و هذا محال و لا يضرّ فيه كون المسئول من غير ذوي العقول كقوله‌

ألا يا صبا نجد تحمل إلى الخيام سلامي‌* * * أيا جبلي نعمان باللّه خلّيا

يا أرض سيحي و يا جبال تدكدكي

و تنزيل هذه الأشياء منزلة العقلاء و هكذا و أمّا التّسوية فالدّال عليها مجموع الأمر و النهي انتهى كلامه زيد إكرامه و لقد أفاد فيما أجادوا جاد فيما أفاد حيث أحاط بأطوار الكلام و أنحاء المراد بما لا يطمع في إدراك فوقه حاضر و لا باد إلا أن اللاّزم عليه (قدّس سرّه) إرجاع تلك الوجوه المحسنة إلى الأغراض الباعثة على الطّلب محافظة للصّيغة عن التجوّز في الكلمة كما حققناه و لعلّه المراد و إن كان في قوله و ليس الغرض هو الطّلب بعض المنافاة لذلك إذ الأولى أن يقول و ليس الغرض هو الفعل المطلوب و من جميع ما ذكرنا يظهر ما في كلام بعض المحققين حيث ذهب إلى أنّ المجاز في التهديد و الإنذار و التهكم و نظائرها مجاز في المركّب و في الإباحة و الإذن و التّمني مجاز في الكلمة يعني بها الصّيغة لأنّك عرفت أنّه ليس في شي‌ء من تلك الاستعمالات مجاز في الكلمة و أن مجازيتها نظير مجازية الكناية على ما هو الحق فيها من كونها استعمالا للفظ في الموضوع له و أمّا كون التهديد و نظائره مجازا في المركّب فلم نتحقق معناه و إن التزمنا به في بعض أقسام الكنايات لأنّ إسناد الطّلب إلى المبغوض ليس على حد إسناد الشّي‌ء إلى غير من هو له ليكون مجازا في التركيب و إن أريد به التّنظير و التشبيه لتفهيم المقصود فلا غائلة فيه و اللّه الهادي‌

الثّاني [الكلام في أن النزاع في صيغة افعل خاصة أو في الصيغة و ما بمعناها]

من تلك الأمور أنّ صاحب المعالم تبعا للمحكي في شرح المختصر عن المحققين جعل عنوان البحث في صيغة افعل و ما بمعناها و اعترض عليه بعض من يبادر إلى الاعتراض من المحصّلين بأن قوله و ما بمعناها يتناول بظاهره كلّ ما دلّ على معنى افعل و لو مجازا مع أنّه خارج عن البحث إلاّ أن يراد بما في معناها وضعا و أيضا يتناول ما كان بمعنى الأمر من أسماء الأفعال مع أنّ الظّاهر خروجها عن النّزاع لفظا و إن دخلت فيه معنى فالتعبير بما ذكرنا أسدّ و أولى و أراد بما ذكره ما جعله عنوانا للمسألة حيث قال اختلفوا في أن صيغة الأمر هل يقتضي الإيجاب أو لا إلى مذاهب (قلت) الظّاهر أنّ ما اعترض به على صاحب المعالم غير سديد و ما جعله سديدا غير مفيد (أمّا الأوّل) فلأن شموله لما دلّ على معنى افعل مجازا غير ضائر و دعوى القطع بخروجه واضحة المنع إذ لا معنى للفرق في جريان النزاع بين كون اللّفظ القائم مقام صيغة افعل في الاستعمالات الدّائرة دالا على معناها الثابت لها بالوضع أو بالقرينة فلو فرضنا قيام القرينة على أنّ المتكلّم أراد بما جرى في لسانه من اللّفظ معنى صيغة افعل وضعا كان دلالة ذلك اللّفظ المقرونة بالقرينة الإجمالية على الوجوب أو النّدب أو غير ذلك مختلفا فيها مثل دلالة نفس الصّيغة عليها و إن أراد أن ما يدلّ على الوجوب مثلا بمساعدة القرينة أو النّدب كذلك يدخل تحت العنوان فيختلّ طردا فهو أوضح فسادا كما لا يخفى هذا إذا جعل عنوان البحث دلالة الصّيغة على الوجوب و أمّا لو جعل العنوان كون الصّيغة حقيقة في الوجوب فاللّفظ المستعمل في مدلول الصّيغة مجازا خارج عمّا في معناه بقرينة العنوان و كونه في تشخيص الحقيقة فلا حاجة إلى التصريح بقوله وضعا بعد قوله و ما في معناها لإخراج المجاز بل هو خارج بقرينة كون البحث في أن الصّيغة و ما في معناها حقيقة في أيّ شي‌ء فافهم و أمّا ما زعمه من خروج أسماء الأفعال لفظا فلم يظهر له وجه بعد ملاحظة كون العنوان المذكور من العضدي ناسبا له إلى المحقّقين مضافا إلى تصريح المدقق الشيرواني بجريان النزاع في أسماء الأفعال مع أن المؤاخذة في مثله مع الاعتراف بدخولها معنى لا يرجع إلى محصّل لأنّ دأب المحصّل الإحاطة بجميع مجاري النزاع و عنوان المسألة بما ينطبق على الكلّ إذ العنوان يجري مجرى الحدّ فيجب صونه طردا و عكسا (و أمّا الثّاني) فلأنّه إن أريد بصيغة الأمر كلّ لفظ دال بالوضع على ما يدلّ عليه لفظ الأمر فعدم مجي‌ء الأقوال الآتية فيه واضح إذ من جملتها القول بأنّها موضوعة للقدر المشترك بين الوجوب و النّدب و الإباحة أو بينها و بين التهديد و عدم وضع الأمر لذلك مع بداهته اتفاقي سواء قلنا بوضعه للوجوب كما هو الأظهر الأشهر و عليه المعترض أو قلنا بوضعه للقدر المشترك بينه و بين النّدب فكيف يجري هذا النزاع في لفظ الأمر و إن أريد بها صيغة افعل خاصة خرج عن البحث الأمر الغائب و الحاضر المزيد و إن أريد به مطلق الأوامر مزيدا كان أو مجرّدا بناء على كون الإضافة بيانية و كون المضاف إليه حقيقة اصطلاحية في الصّيغ المعهودة المعدودة من الأفعال أو على كون هذا التركيب الإضافي حقيقة فيها اصطلاحا ففيه بعد المساعدة على ثبوت الاصطلاح اختصاص ذلك بعرف النحاة فكان عليه نصب القرينة لأنّ محاورات كلّ عرف محمولة على مصطلحهم أو العرف العام و من هنا

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست