responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 415

كثيرا ما يقال تعويلا على ما هو الظاهر من الأخبار احتج المنكرون لوجوب النظر أولا بأنه لو وجب النظر لدار فإنّ وجوب النّظر إنما يثبت بالشرع و ثبوت الشرع يتوقف على وجوب النظر فيكون دورا و هذه الحجة كما ترى مبنية على مذهب الأشاعرة و الجواب المنع من توقف ثبوت الشرع على وجوب النظر الثابت به بل على مجرد حصوله أو ثبوته بالعقل فلا دور و ثانيا بأن النبيّ (صلى اللَّه عليه و آله) كان يحكم بإسلام من أقر بالشهادتين و كان يكتفي بذلك منهم و لم يكلفهم بالاستدلال و النظر و ذلك آية عدم وجوبه و إلاّ لكلفهم به و الجواب أنه لا يراد بالاستدلال تحصيل الأدلة التفصيلية على الوجه المقرر في علم الكلام أو كتب الحكمة بل تحصيل ما يطمئنّ به النفس من الدليل و إن كان إجماليا و هذا مما لا يكاد يذهل عنه مصنف متفطّن و قد يقال تدل المعجزة على صدق صاحبها دلالة ضروريّة فإن تمّ فلعلّ عدم أمرهم بالاستدلال استغناء عنه بدلالة المعجزة و أمّا ما يقال من أنّ اكتفاءه (صلى اللَّه عليه و آله) بمجرّد الإقرار بالشهادتين إنما كان من باب المسامحة و المماشاة ليتقوى شوكة الإسلام بالاجتماع لاكتفائه بذلك من المنافقين أيضا مع عدم كفايته في إيمانهم واقعا فضعفه ظاهر لأنه لو كان الإيمان المعتبر هو الإيمان عن الدليل لوجب عليه (صلى اللَّه عليه و آله) أن يبيّن لهم ذلك و أن لا يكتفي بإقرار من أقرّ بالشهادتين إلا أن يدعى أنه إقراره عن الدليل لأن الإقرار بالشي‌ء لا يدل إلاّ على الجزم به و هو لا يستلزم الاستناد إلى الدليل و لا ينافي ذلك قبوله لإقرار المنافق لأنه (صلى اللَّه عليه و آله) إنما كان مكلفا بالظاهر لا بما هو مكنون في السّرائر و بالجملة ففرض وجوب الإيمان عن الدليل مع تسليم عدم بيانه (صلى اللَّه عليه و آله) يوجب إسناد التقصير في التبليغ إليه (صلى اللَّه عليه و آله) و عدم إتمامه الحجة على العباد و هو ظاهر السقوط متضح الفساد و ثالثا بأنّ مسائل الأصول أغمض من مسائل الفروع فإذا جاز التقليد في الثاني جاز في الأول بطريق الأولويّة و الجواب المنع من أغمضيّة مسائل الأصول من الفروع بل الأمر على العكس كما يشهد به الوجدان مع أن التقليد في الأصول قد يفضي إلى الدّور بخلاف التقليد في الفروع فلا يتم الأولويّة أقول و يمكن الاحتجاج عليه رابعا بقوله تعالى فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون فإنه بعمومه يتناول الأصول أيضا و يمكن الجواب عنه بأنه عام فيحمل على غير الأصول جمعا بينه و بين الآيات السّابقة و خامسا أنّ المعتقد بالتقليد مصدق عرفا و لغة فيدخل تحت العموم في قوله تعالى‌ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ‌ الآية فإنّ الإيمان هو التصديق كما صرّحوا به و يمكن الجواب عنه بأنا لا ننكر إيمان المعتقد بالتقليد و إنما ندعي عصيانه بترك النظر على تقدير تفطنه لوجوبه و هو لا ينافي دخوله في العموم المذكور لعدم اختصاص الوعد بعدول المؤمنين و سادسا بقوله تعالى‌ آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ* و غيره من الآيات الآمرة بالإيمان فإنه يصدق مع التقليد أيضا و يمكن الجواب عنه بأنّ الإيمان عندنا في نفسه واجب و النظر واجب آخر و ليس شرطا في صحّته و الآية إنما تدل على وجوب الأول و لا دلالة لها على نفي الثاني ثم الوجوه المذكورة مشتركة بين القولين الأخيرين و لعل القائل منهما بالجواز يتمسّك بالأصل و بأنّ طريقة السّلف جارية على عدم الإنكار على الناظر في المعارف فهو إجماع منهم على عدم تحريمه و بالآيات السّابقة إذ لا أقل من دلالتها على الجواز و أمّا القائل بالمنع فقد احتج عليه بوجوه منها قوله (صلى اللَّه عليه و آله) عليكم بدين العجائز فإنّ العجائز إنما يدلان بالتقليد و الأمر به يدل على إيجابه و الجواب بعد تسليم الرّواية المنع من تديّن العجائز بالتقليد بل بالدليل مجرّدا عن ملاحظة الشكوك و الشبهات كما يدل عليه حكاية كفّ يدها عن تحريك دولابها و احتجاجها بأن الدّولاب إذا كان لا يتحرك من غير محرّك فكيف يتحرك السّماوات من غير قادر يحركها فكان المقصود المنع من الالتفات إلى ما يوجب الارتياب و الوسوسة كما يدل عليه قوله (عليه السلام) لا ترتابوا فتشكوا و قد يجاب بأنّ هذا الكلام قول سفيان حين أثبت منزلة بين الإيمان و الكفر فقال عجوز في ردّ ذلك قال الله تعالى هو الذي خلقكم فمنكم كافر و منكم مؤمن فقال سفيان عليكم بدين العجائز و لا يذهب عليك أن صدور هذا الكلام في ذلك المقام عن سفيان لا ينافي‌

صدوره عنه (صلى اللَّه عليه و آله) في المقام المروي عنه من حكاية الدولاب و منها أنه بدعة في الدين إذ لم يعهد عن الصحابة و إلا لنقل إلينا لتوفر الدّواعي على نقله كما في الفروع و الجواب أن الذي لم يعهد من الصّحابة إنما هو الخوض في الأدلة على الوجه المقرر في علم الكلام لا الاستدلال مطلقا و لو سلّم فغاية ما يلزم من ذلك عدم وجوبه و هو لا يستلزم إيقاعه على وجه المشروعية هو الرجحان ليلزم كونه بدعة و منها أنّ النظر في الأصول مظنة للوقوع في الشبهة و الخروج من الدين لكثرة الشبهات التي يتطرق إليها فيجب ترك النظر دفعا لما يترتب عليه من خوف الضرر و الجواب المنع من كون مطلق النظر مظنة للوقوع في الشبهة نعم ربّما يؤدي إلى ذلك التوغل في المسائل الحكمية لا سيّما بالنسبة إلى أصحاب التشكيك من ذوي الأنظار الغير المستقيمة خصوصا إذا كانوا غير مستأنسين بالشريعة و التزام التحريم فيه مما لا ينافي المقصود و منها أنه (صلى اللَّه عليه و آله) خرج على أصحابه فرآهم يتكلمون في القدر فغضب حتى احمرت وجنتاه و قال إنّما هلك من كان قبلكم لخوضهم في هذا عزمت عليكم أن لا تخوضوا فيه و قال (عليه السلام) إذا ذكر القدر فأمسكوا و الجواب بعد تسليم الرّواية أنها خارجة عن محل البحث لأن الكلام في المعارف الأصولية

اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 415
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست