responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 414

تحصيل العلم فيثبت المقصود و بأن قول العلم يجوز أن يكون أمرا بتحصيل العلم و ذلك بصرف التوجّه فيما يقوله و الإصغاء إليه و إن جاز أن يكون بمعنى أعلمك بأن الأمر كذا فيكون معناه إيجاد العلم و حينئذ فإخراج الآية عن ظاهرها بمجرّد الاحتمال غير سديد و منها الآيات الدالة على وجوب النظر كقوله تعالى انظروا ما ذا خلقوا في السماوات و الأرض و قوله جلّ شأنه أو لم يتفكروا في أنفسهم و قوله تبارك اسمه أ فلا يتفكرون إلى غير ذلك و لقائل أن يقول بأن الظاهر من هذه الآيات توجّه الأمر فيها إلى الكفار و كأنّهم خصوا بالأمر بالنظر و التفكر ليطلعوا على عظم قدرة اللّه تعالى و إحاطته بالأمور بملاحظة عجائب صنعه و دقائق حكمته المودّعة فيما شاهد من خلقه ليتبيّن لهم أنه تعالى قادر على إعادتهم بعد الموت أو ليرتدعوا عن مخالفته و تكذيب رسله بعد ما اتضح لهم الحق و انكشف لهم الواقع و حينئذ فلا دلالة له على المقصود و منها أنه يجب تحصيل العلم بالمعارف بالإجماع و التقليد لا يفيده لجواز كذب المقلد فلا يكون مطابقا فلا يكون علما و لأنّ قول الغير لو أفاده لزم اجتماع النقيضين في المسائل الخلافية كحدوث العالم و قدمه و لأنه لو أفاد العلم لكان العلم بكونه صادقا أمّا بالضرورة و هو باطل قطعا و أمّا بالنظر فيستدعي الحاجة إلى الدليل و التقدير عدمه و إلا لم يكن تقليدا و يمكن الجواب بأنه إن أريد بالعلم الجزم المطابق الناشئ عن الدليل فدعوى الإجماع على وجوب تحصيله ممنوعة مع أنها لو سلمت فبقية المقدّمات مستدركة و إن أريد به مطلق الجزم أو الجزم المطابق فدعوى أنّ التقليد لا يفيده ممنوعة و الوجوه المستدل بها فاسدة أمّا الأول فلأن تجويز كذب المقلد إن كان بالنظر إلى الجازم فغير معقول لأنّ كل جازم حال جزمه لا يجوز أن يكون جزمه مخالفا للواقع و إلا لم يكن جازما و إن كان بالنظر إلى غيره فغير مفيد و إلاّ لكان الدليل أيضا غير مفيد للعلم لجواز كذب مدلوله عند غير المستدل كالمسبوق بالشّبهة و نحوه و أمّا عن الثاني فبأنا لا ندعي أنّ قول كلّ أحد يفيد العلم للمقلد حتى يلزم منه اعتقاد المتناقضين في زمان واحد عند الاختلاف بل ندعي أنّ قول الغير قد يفيده و حينئذ فتمنع استفادة العلم من أقوال المختلفين في زمان واحد بل إمّا أن لا يعلم بشي‌ء منها أو يعلم بأحدها و أمّا عن الثّالث فبأنّ علم المقلد بصدق من يقلّده حدسي ناشئ عن اعتقاد أكمليته و الاستئناس بطريقته مع الغفلة أو التغافل عن عدم مدخلية ذلك في إصابة الحق و قد لا يرتدع المقلّد بمجرّد التنبيه لاستحكام المنشإ في نفسه و لهذا يحتاج إلى مزيد إيضاح بإقامة معجزة أو إيراد حجة جلية و لو فرض أن علمه بصدقه ناشئ عن الدليل كعلمنا بصدق المعصوم المستند إلى برهان العصمة فليس من التقليد في شي‌ء كما أشرنا إليه سابقا و منها أنّ الاعتقاد الحاصل بالتقليد في عرضة الزوال فصاحبه غير مأمون على زواله فيجب تثبيته بالنظر دفعا للضرر المظنون و يشكل بأنه إن أريد أنّ الاعتقاد المذكور عند غير صاحبه في عرضة الزوال فغير مفيد في ثبوت التكليف عليه إذ لا يجب على المكلف دفع الضرر الذي يظنه الغير في حقه إذا لم يوجب ظنه به و إن أريد أنه عند صاحبه في عرضة الزّوال فهو على إطلاقه ممنوع بل التحقيق أنّ ثبات العقائد الحقة و رسوخها في النّفس كثيرا ما يستند إلى ملكات القلب و كيفيّاتها الأصلية و الاكتسابية و ليس للاستدلال و التقليد كثير مدخل في ذلك و لهذا يتزايد قوة اليقين و الإيمان بزيادة الورع و التقوى حتى إنه قد يبلغ الورع بصاحبه إلى درجة من الإيمان بحيث يمتنع عليه الزوال كما يستفاد من النصوص و قد أشير إليه في قوله تعالى و تثبيتا من أنفسهم و قد يكون المولع في المعاصي و الشهوات على خطر في بقاء إيمانه و إن كان حكيما مبرهنا و يقع مثل ذلك في جانب الباطل أيضا و هذا من الأمور الواضحة عند أرباب القلوب و المكاشفة و لا ينافي ذلك ما ذكروه من أنّ الاعتقاد المستند إلى الدليل ثابت و إلى التقليد غير ثابت لأنّ المراد أنّ الاستدلال و التقليد ما من شأنهما ذلك و إن جاز التخلّف من جهة العوارض الخارجية و منها ما دل من الأخبار على أنّ الإيمان هو ما استقرّ في القلب من التصديق بالشهادتين و وجه الدلالة أن الاستقرار لا يتحقق إلاّ بالدليل و الإيمان مفسّر به إذ لا ثبات للاعتقاد الناشئ‌

من التقليد و ما دلّ على أنّ المؤمن إذا جعل في قبره و سئل عن ربّه و دينه و نبيّه و إمامه أجاب بالصّواب فيقال له كيف علمت ذلك فيقول أمر هداني اللّه إليه و ثبتني عليه فيقال له نم نومة لا حلم فيها نومة العروس و يفتح له باب من الجنّة فيدخل إليه من روحها و ريحانها و أنّ الكافر إذا جعل في قبره و سئل أجاب كما يجيب به المؤمن فيقال له من أين علمت ذلك فيقول سمعت النّاس يقولون ذلك فيضرب بمرزبة لو اجتمع عليها الثقلان لا يطيقونها فيذوب كما يذوب الرّصاص فلو كان التقليد مجزيا لاكتفي منه بذلك أيضا و يمكن الجواب أمّا عن الأول فبأنّ الظاهر من الاستقرار مجرّد التحقق أو التحقق على وجه الدّوام إلا أن يكون بحيث لا يزول بالتشكيك مع أنّ الاعتقاد التقليدي قد يكون بحيث لا يزول بالتشكيك و الاعتقاد عن الدليل قد يكون في معرض الزوال كما عرفت من بياننا المتقدم فالاستقرار و الثبات لا ينافي التقليد و لا يستلزمه الاستدلال و أمّا عن الثاني فبأنّ قول المؤمن أمر هداني الله إليه لا يختصّ بالهداية بطريق الاستدلال و قول الآخر سمعت النّاس يقولون ذلك يدل على عدم كونه معتقدا لما يقول به كما يدل عليه تسميته كافرا و لا ينافيه قوله كيف علمت ذلك حيث يدل على كونه معتقدا ذلك لأنه أقرب المجازات إلى العلم لأن هذه الكلمة

اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 414
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست