لا ريب أن الحجية في الدلائل اللفظية ليست باعتبار كونها منصوصة من المعصوم و إن كان لو نص لكان حجة بل باعتبار حصول البيان بمقتضى الفطرة الارتكازية التي أودعها في الإنسان معلّم البيان كما سبق في أول الكتاب فكل دليل لفظي كان محل النزاع بين علماء الأعلام فالمرجع في تنقيح الدلائل و تهذيب المباني هو الذي مر إليه الإشارة غير مرة فنقول إن قلت لولدك الصغير أو خادمك اشتر اللحم أو الخبز أو الفاكهة أو ما أردت من كل أحد إلا الفلاني و خصصت واحدا من الكسبة لا شك في أنه بمقتضى فطرته السلمية يشتري ما تريد من كل أحد إلا ممن خصصته و كذا إذا قلت أكرم العلماء إلا من كان معينا للظالم فهو يرى بمقتضى فطرته أن وظيفته الإكرام لكل العلماء إلا من خصصته و كذا إذا قلت أكرم العلماء من دون استثناء ثم قلت بعد يوم أو يومين و لا تكرم من العلماء من كان معينا للظالم يحكم وجدانه أن وظيفته الإكرام لجميع العلماء إلا من خصصته بمخصص منفصل فالفطرة السليمة تحكم بأن العام المخصص حجة فيما بقي و ما قالوا في مقابل الارتكازيات التي هي من نعم اللّه تعالى من أن التخصيص قرينة على إرادة التجوز من العام و مراتب التجوز متعددة مختلفة و ليس في التخصيص قرينة على واحدة منها فلا يكون العام المخصص حجة فيما بقي غفلة عن الفطرة التي فطر الناس عليها و بها تمت الحجة و عظمت النعمة و لا حاجة لنا إلى الجواب