دالة على القاعدة فضلا عن القاعدتين بل ليس لها دليل رأسا و توهم كون اخبار التجاوز و الفراغ دالة عليها في غير محله لأن مفادها غير القاعدة موضوعا و ملاكا كما سيجيء.
الأمر الثالث حول تقدم الأمارات على الاستصحاب
مما يعتبر في الاستصحاب ان يكون المستصحب مشكوك البقاء فلا يجري مع إحراز بقائه أو ارتفاعه و هذا مع الإحراز الوجداني واضح، و انما الكلام فيما إذا قامت أمارة معتبرة شرعية أو عقلائية ممضاة شرعا على طبق الحالة السابقة أو على خلافها حيث ان الشك الوجداني لا يزول معه، و لكن لا إشكال في تقدمها عليه و انما الإشكال في وجه التقدم و انه هل هو لأجل الحكومة أو الورود أو غيرهما؟ فلا بد قبل الورود في المقصود من بيان الفرق بين تلك العناوين التي يمكن ان تكون وجه التقدم و بيان الضابط فيها و قد مر شطر من الكلام فيها في مباحث البراءة و نزيدك هاهنا إيضاحا فنقول: لم ترد تلك العناوين و لا شيء منها في لسان دليل أو معقد إجماع حتى نبحث فيها و في حدودها و انما هي اصطلاحات في لسان الأصوليين و بعضها في السنة متأخري المتأخرين و قد جعلها الشيخ الأعظم تحت الضابط و تعرض لها في شتات إفاداته خصوصا في أول باب التعادل و التراجيح.
و الّذي يمكن ان يقال: انه قد نرى ان العقلاء و أرباب المحاورات قد يقدمون دليلا على دليل من غير ملاحظة النسبة بينهما و من غير ملاحظة أظهرية أحدهما من الآخر و قد يتوقفون في تقديم أحد الدليلين مع كون النسبة بينهما كالسابقة، مثلا لو ورد يجب إكرام العلماء و ورد في دليل منفصل يحرم إكرام الفساق فيعرض الدليلان على أهل المحاورات و العرف تريهم يتوقفون في الحكم و لا يحاولون ترجيح أحدهما على الاخر، و لو بدل قوله:
يحرم إكرام الفساق بقوله: ما أردت إكرام الفساق، أو ما حكمت بإكرامهم، أو ما جعلت إكرامهم، أو لا خير في إكرامهم أو، لا صلاح في إكرامهم، أو لا أرى إكرامهم، أو ليس منظوري