لا
يجتمعان، فبتحقق أحدهما يرتفع الآخر قهرا، كما في جميع الأضداد، وكما لا
معنى للقول بان كل شيء حرام واقعا حتى يصدر فيه إباحة، لا معنى للقول بان
كل شيء مطلق واقعا حتى يصدر فيه نهي.
و اما الثاني: فلأن جعل وصول النهي غاية للحكم بالإباحة مستلزم للقول
بالتصويب، المجمع على بطلانه. فتعين أن يكون المراد بالإطلاق الإباحة
الظاهرية، وعليه لا بد وأن يكون المراد بالورود الوصول، فان صدور الحرمة
الواقعية لا يكون رافعا للحكم بالإباحة الظاهرية بالضرورة ما لم يحرز ذلك،
فيكون مفاد الرواية ان كل شيء مطلق ظاهرا حتى يصل فيه نهي.
و بما ذكرناه من كون المراد بالإطلاق الإباحة الظاهرية علم ان الموضوع في
القضية هو الشيء المشكوك فيه، لا الشيء بعنوانه الواقعي، وبإطلاقه يستدل
على حكم الشبهة الموضوعية والحكمية، فدلالة الرواية على البراءة الشرعية في
غاية الظهور.
ثم لا يخفى ان في جريان أصالة عدم صدور النهي التي تمسك بها صاحب الكفاية[1]في المقام بيانا سيأتي، وسيظهر لك أنه على تقدير جريانها لا تصل النوبة إلى جريان أدلة البراءة أصلا. الاستدلال على البراءة بالإجماع
الثالث: من الوجوه المستدل بها للبراءة هو الإجماع. وتقريبه على أنحاء.
الأول: دعوى اتفاق الأصوليين والأخباريين على قبح العقاب من دون بيان، وعدم استحقاق العقاب على مخالفة التكليف غير الواصل.