الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتّبع، إلى أن قال: ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرمات»[1].
و لكن المحقق الخراسانيّ[2]قدّس
سرّه قد عكس المطلب، وجعل محط البحث مطلق الشك في التكليف، الجامع بين
الأقسام، لاتحاد جهة البحث فيها، وهو عدم وصول الحكم الواقعي، وعمدة أدلة
القول بالبراءة شاملة لجميع الأقسام، واختصاص بعضها بدليل خاص لا يوجب
إفراده بالبحث وتكثير الأقسام. إلاّ أنه قدّس سرّه أخرج عن البحث فرض تعارض
النصين، وأحاله إلى باب التعادل والتراجيح بدعوى: انه لا بد فيه من الرجوع
إلى المرجحات أو إلى التخيير، فهو خارج عن المقام.
و الصحيح أن يقال: ان موضوع البحث في المقام هو الجامع بين جميع الأقسام
حتى فيما كان منشأ الشك في التكليف تعارض النصين، فان مقتضى القاعدة عند
التعارض كما سيأتي إن شاء اللّه هو التساقط، غاية الأمر أنه دل الدليل في
خصوص تعارض الخبرين على عدم التساقط، ولزوم الرجوع إلى المرجحات أو إلى
التخيير، ومن الظاهر انه لا ينحصر مورد تعارض الدليلين بخصوص الخبرين، إذ
قد يعارض ظاهر الكتاب غيره، وقد يعارض الإجماع المنقول بمثله بناء على
حجيته، إلى غير ذلك مما لم يرد في علاج التعارض فيه دليل خاص، فيحكم فيه
بالتساقط، ولا بد حينئذ من الرجوع إلى الأصول العملية، بل قد ذكرنا في محله
أنه لو كان التعارض بين الخبرين بالعموم من وجه، وكان منشأ التعارض إطلاق
كل من الدليلين لمورد الاجتماع كان الحكم فيه أيضا هو التساقط، والرجوع إلى
الأصل العملي، وعلى هذا فالمناسب إدخال تعارض الدليلين أيضا في محل البحث،
غاية
[1]أصول الكافي: 1-68، كتاب فضل العلم، باب اختلاف الحديث، ح 10. [2]كفاية الأصول: 2-167.