عرفت عن الشهيد قد سره في الذكرى أن أخبار الفضائل يتسامح فيها عند أهل
العلم كونه مسلّما عند القائلين بالتسامح و عن ثاني الشهيدين قدس سرهمافي
الرواية التصريح به حيث قال جوّز الأكثر العمل بالخبر الضعيف في القصص و
المواعظ و فضائل الأعمال لا في صفات اللّه تعالى و أحكام الحلال و الحرامو
هو حسن حيث لم يبلغ الضعيف حدّ الوضع و الاختلاف انتهى كلامه رفع مقامه
فلعلّ المراد من التسامح في الخبر الضعيف الوارد في هذه الأمور ماذكر شيخنا
قدس سره في الرسالة من نقلها و استماعها و ضبطها في القلب و ترتيب الآثار
عليها عدا ما يتعلّق بالواجب و الحرام قال قدس سره بعد هذا و الحاصلأن
العمل بكل شيء على حسب ذلك الشيء و هذا أمر وجداني لا ينكر و يدخل فيها
فضائل أهل البيت عليهم السلام و مصائبهم و يدخل في العمل الإخبار بوقوعهامن
دون نسبة إلى الحكاية على حدّ الإخبار بالأمور الواردة بالطرق المعتمدة
بأن يقال كان أمير المؤمنين يقول كذا و يفعل كذا و يبكي كذا و نزل على
مولاناسيّد الشهداء كذا و كذا و لا يجوز ذلك في الأخبار الكاذبة و إن جازت
حكايتها فإن حكاية الخبر الكاذب ليس كذبا مع أنه لا يبعد عدم الجواز إلا مع
بيانكونها كاذبة ثمّ إن
الدليل على جواز ما ذكرنا من طريق العقل حسن العمل بهذه مع أمن المضرّة
فيها على تقدير الكذب و أمّا من طريق النقل فروايةابن طاوس و النبوي مضافا
إلى إجماع الذكرى المعتضد بحكاية ذلك من الأكثر انتهى ما أردنا نقله من
كلامه قدس سره (1) أقول
الذي يقتضيه التحقيق فيالاستدلال على التعميم أن يقال إنه لا شبهة و لا
ريب في ثبوت رجحان نقل فضائل النبيّ و الأئمة عليهم السلام و الصّدّيقة
الطاهرة سلام الله عليها و ذكر حالاتهمو مصائبهم بالدليل العلمي و وعد
الثواب و الأجر عليه و كذا كتبه و استماعه فالخبر الضعيف الوارد فيها
يتضمّن الإخبار على الثواب بنقل مضمونه كالخبرالضعيف الوارد في استحباب فعل
فإنه يتضمّن الإخبار عن الثواب عليه و ليس هذا أسوأ من الخبر الوارد في
تشخيص الموضوعات من الطرق الضعيفة على ماعرفت الكلام فيه فالخبر الضعيف
الوارد في فضيلة من فضائلهم إخبار عن ترتّب الثواب على نقله و استماعه فهو
من هذه الجهة نظير الخبر الصحيحالوارد في فضيلة من فضائلهم فإنه يجوز نسبة
مضمونه إلى الواقع استنادا إلى الخبر الصحيح بأن يجعل جهة النّسبة
كالإخبار عن الموضوعات العاديةفيما كان طريقه معتبرا عند العقلاء و أدلّة
حجيّة الطرق الشرعيّة و إن لم يقتضي بنفسها وجوب إظهار مضامينها و نقلها
إلا أنّها ربما يقتضيهبضميمة ما دلّ على وجوب نقل الأخبار و إظهار الحق
للناس و نحو ذلك و هذا البيان كما ترى أوفى ممّا أفاده قدس سره و إن أمكن
إرجاعه إليه بنحو منالتكلّف هذا و ربما يؤيّد الإلحاق بل يستدلّ عليه كما
في محرق القلوب للفاضل النراقي بما دل على رجحان الإبكاء و ذكر الفضائل و
المناقبو الإعانة على البرّ و التقوى و أنت خبير بأن التأييد بأمثال هذه
في المقام لا وجه له فضلا عن الاستدلال به فإنه يتوجّه عليه مضافا إلى أنه
لاإطلاق لها بالنسبة إلى السبب كما هو واضح أنها قد قيّدت بالإجماع على
تقدير الإطلاق بالسبب المباح كما هو الشأن في جميع ما يثبت الرجحانللأفعال
بالعنوانات الثانوية كإجابة المؤمن و نحوها فإنّها لا يقاوم المحرّمات
الشرعيّة و ليست في مرتبتها كما فصّل في محلّه و إلا لجاز التوصّلبها و لو
من جهة المعارضة بالعموم من وجه و الرجوع إلى الأصل إلى الحكم بإباحة
المحرّمات الشرعيّة كالغناء في المراثي و قراءة القرآن و الأدعية و العمل
بالملاهيمن جهة إجابة المؤمن و هو كما ترى و إن أوهم جواز الالتزام به
كلام بعض المتأخّرين فذهب إلى جواز التغنّي في المراثي و قراءة القرآن لما
عرفت من التعارضالموجب للرجوع إلى الأصل لكنه بمكان من الضّعف و السقوط
نعم هذه العمومات المثبتة للرجحان و الأجر و المثوبة لتلك العنوان ينفع في
المقامبملاحظة الأخبار الواردة في باب التسامح على ما أسمعناك العاشر
لا إشكال في جريان الأخبار فيما لو احتمل الاستحباب في الواقعة في
نفسالأمر و أما لو علم بانتفاء الاستحباب في نفس الأمر كما لو دار حكم
الواقعة بين الوجوب و الإباحة مثلا فهل يحكم بجريانها نظرا إلى ما عرفت من
صدق بلوغالثواب بالإخبار عن الوجوب أو عدم جريانها نظرا إلى العلم بانتفاء
الاستحباب واقعا فكيف بحكم بثبوته ظاهرا وجهان أوجههما الأول نظراإلى ما
عرفت مرارا من أن مخالفة الحكم الظاهري للواقع إذا لم يوجب المخالفة
القطعيّة العمليّة لا ضير فيها أصلا حيث إنه ليس في المقام مخالفة
عمليّةبالفرض و لو كان المأمور به على تقدير ثبوته من العبادات لإمكان قصد
التقرب بالأمر الواقعي المحتمل أو الظاهري المقطوع من حيث كونه مقرّبا
علىما قضت به الأخبار المتقدّمة و لا الالتزاميّة أيضا لأن المفروض
الالتزام بكون الحكم النفس الأمري هو ما ثبت للواقعة في نفس الأمر و إنما
يلتزم بالاستحبابفي مرحلة الظاهر في بيان حكم ما إذا ورد خبر ضعيف على استحباب فعل و ورد خبر آخر على عدمه
الحادي عشر
إذا ورد خبر ضعيف في استحباب فعل و ورد خبر آخر على عدم استحبابه لا على
حرمته فإن كان الآخر ضعيفا أيضا فلاإشكال في الحكم بالاستحباب سواء كان
تقابلهما من التباين أو الإطلاق و التقييد و العموم و الخصوص و إن كان
الآخر معتبرا فلا ينبغي الإشكال فيالتسامح على تقدير الاستناد فيه إلى
قاعدة الاحتياط ضرورة عدم التنافي بين عدم الاستحباب و نفيه في مرحلة
الظاهر و حسن الاحتياطبملاحظة احتمال الواقع و من هنا يحكم في جميع موارد
قيام الطرق الظاهريّة بتحقق الواقع من جهة احتمال خطاء الطريق و دعوى
اقتضاء دليل الخبر القائمعلى عدم الاستحباب عدم مشروعيّة الاحتياط من حيث
كون مفاده تنزيل الخبر منزلة القطع بالواقع فكما لا يحتاط في صورة القطع
بعدم الاستحبابكذلك لا يجوز الاحتياط فيما دل الخبر على عدمه فاسدة جدّا
لما عرفت مرارا من الاستفادة المذكورة من أدلّة اعتبار الطرق و الأمارات
الشرعيّة و أنّ