و أيضا الظاهر عدم اعتبارهم استناد الدلالة إلى الوضع- أيضا- بل مراد القائلين بالدلالة اللغوية الدلالة العرفية المقابلة للشرعيّة و لو كانت مستندة إلى قرينة عامّة، كما يظهر من بعض أدلّتهم الآتية إن شاء اللّه تعالى.
- و أيضا- الظاهر من كلّ واحدة من الدلالتين- أعني اللغوية و الشرعية- ما يعمّ العقليّة أيضا، كما لا يخفى، فإنّهم حصروا الدلالة المدّعاة- في المقام- في اللغوية و الشرعية مع أنّ بعضهم ادّعى دلالة النهي على الفساد، عقلا، فلا بدّ من إرجاع ذلك إلى أحدهما، لئلا ينافي حصرهم ذلك، و لمّا كانت الدلالة العقلية اللفظية ناشئة من إدراك العقل التلازم بين المعنيين بيّنا أو غير بيّن، فإن كان المعنى الملزوم للفساد مما وضع له النهي لغة يكون [1] تلك الدلالة داخلة في اللغوية، أو شرعا فداخلة في الشرعيّة، كما لا يخفى.
نعم دعوى ثبوت الحقيقة الشرعية في النهي لما يلازم الفساد دونها خرط القتاد.
و لعلّ مراد القائلين بالدلالة على الفساد شرعا نفي الدلالة عقلا، بمعنى أنّه لا ملازمة بين النهي الّذي هو طلب الترك و بين الفساد، إلاّ أنّ الشارع حكم بفساد ما نهي عنه، فالملازمة شرعيّة، لا عقلية.
و لكن لا يخفى أنّه لا يصحّ حينئذ جعل الدلالة الشرعية مقابلة للّغوية.
و كيف كان، فالمهمّ توجّه المقال بما يسعه المجال إلى تحقيق في المسألة على ما يقتضيه النّظر، و ترك الالتزام بتقليد واحد من تلك الأقوال. شعر:
خلق را تقليدشان بر باد داد* * * اى دو صد لعنت بر اين تقليد باد
فاعلم أنّ الّذي يقتضيه التأمّل و الإنصاف بعد تجانب طريق التقليد و الاعتساف ما حقّقه- دام ظلّه- من نفي وضع النهي للفساد مطلقا- لغة و شرعا-
[1] في النسخة فان كان معنى اللزوم للفساد مما وضع له النهي لغة فيكون. و الصحيح ما أثبتناه.