و كيف كان فالكلام في العمل به حال [1] حصوله و بقائه و قد عرفت عدم جواز النهي عنه حينئذ بوجه.
ثم إنّ الذّاهب إلى هذا التفصيل بين من علّله بكثرة المخالفة للواقع في القطع الحاصل من المقدّمات النظرية، كالمحدّث الأسترآبادي [2] و بعض من وافقه من الأخباريين، و بين من علّله بعدم تمامية الحجة بمجرّده، إذ لا بدّ فيها من بلوغ الحكم عن المعصوم (عليه السلام) بالنّقل عنه أو السماع منه، كالسيد الصدر [3](قدس سره).
و بعبارة أخرى إنّ التكليف بشيء لا يتنجّز على المكلف بحيث يستحق العقاب على مخالفته إلاّ بتبليغ حجة سمعية عليه من المعصوم (عليه السلام) فحكم العقل به و استقلاله بواسطة المقدمات النظرية لا ينهض حجة عليه و كذلك إذا انضم إليه حجة سمعية منهم (عليهم السلام) واصلة إلى المكلف و لو بالعقل [4].
و لا يخفى أنّ ذلك ليس إنكارا لقاعدة التّطابق بين العقل و الشرع، فإنّ معناها أنّ حكم العقل بأمر هل هو كاشف عن حكم الشارع به على نحو ما حكم به العقل أو لا، و مبنى الكشف على ثبوت الملازمة- بين قبح شيء و بين نهي الشارع عنه، و بين حسنه التام الملزم عند العقل و بين أمره به- بأنّه بعد ثبوتها كذلك إذا قطع العقل بقبح شيء فيتحقق عنده صغرى و هي أنّ هذا قبيح فينضم
[1] في (ب): (بعد) عوض (حال). و هكذا: (بعد حصوله) بدل (حينئذ).