أما الأول : فلأن
العمل المأتي به بداعي احتمال الثواب ـ كما هو الفرض ـ يكون معنونا بعنوان
الاحتياط وسببا لتحقق الانقياد ، وفي مثله لا ظهور للكلام عرفا في ثبوت الأمر
بالعمل لقوة احتمال رجوع الثواب إلى الثواب على الانقياد أو الاحتياط ، وهو ثابت
في نفسه مع قطع النّظر عن الأمر.
وأما الثاني :
فلأن أساسه على فرض المولى في مقام الترغيب. وهذا غير ثابت فيما نحن فيه ، لأن
الظاهر من ترتيب الثواب هاهنا انه في مقام التفضل والإحسان وبيان ان المولى الجليل
لا يخيّب من أمله ورجاه ، ولا يضيّع تعب من تعب لأجل الثواب الّذي تخيله أو رجاه
تفضلا منه ومنة ، فلا ظهور له في الترغيب نحو العمل ـ وان حصلت الرغبة فيه بعد
ملاحظة هذا الوعد ـ. وهذا كثيرا ما يصدر عرفا فيقول القائل : « ان من قصد داري
بتخيل وجود الطعام فيه لا أحرمه من ذلك وأطعمه » ، فانه في مقام بيان علو همته
وطيب نفسه وكمال روحيته ، وليس في مقام الترغيب إلى قصد داره ، بل قد يكون كارها
له لضيق ما في يده ، ولكنه يتحلى بنفسية تفرض عليه عدم حرمان من أمّله وقصده.
ولو لم نجزم بظهور
الأخبار فيما ذكرناه بملاحظة ما يشابهها من الأمثلة العرفية ، فلا أقل من الشك
الموجب لإجمال الأخبار فلا تتم دلالتها على الاستحباب.
وهذا كما يكون
إشكالا على الوجه الثاني يكون إشكالا على الوجه الأول ، لأنه إذا كان في مقام
التفضّل والإكرام ، فلا دلالة عرفية ولا عقلية على ان الثواب على العمل من جهة
تعلق الأمر به ، إذ لا ملازمة عرفا ولا عقلا بين الثواب التفضلي والأمر. وإنما
يستكشف الأمر إذا فرض كون ترتيب الثواب بعنوان الجزاء والاستحقاق. فلاحظ.
فعمدة الإشكال على
استفادة الأمر من هذه الاخبار هو ، انها مسوقة في