وبما ذكرنا يظهر
الفرق بين صورة الغسل بالماء الغصبي وصورة الغسل في المكان الغصبي ، فان امتناع
الأول من الجهة الأولى ، لأن الغصب يتحقق بنفس الغسل بلا إشكال فيكون الغسل مجمعا
للحكمين ، وهو ممتنع ، فإذا قدم جانب التحريم كان العمل باطلا حتى مع الجهل
بالحرمة لما تقدم من أنه عمل مبغوض للمولى. واما امتناع الثاني فيمكن ان يدعى بأنه
من الجهة الثانية فقط ، وان التركيب بين الجهتين انضمامي ، وليس الغسل محققا للغصب
وحينئذ مع الجهل بالتحريم يصح العمل لما عرفت من عدم المزاحمة.
هذه نهاية الكلام
في مقدمات البحث ، ويقع الكلام بعد ذلك في موضوع البحث والنزاع ، وهو جواز اجتماع
الأمر والنهي في شيء واحد ذي وجهين بأحدهما كان مورد الأمر وبالآخر كان مورد النهي
أو امتناعه.
وقد ذهب صاحب
الكفاية إلى امتناع ذلك ، وذكر للاستدلال على ذلك مقدمات أربعة وهي :
أولا : ان الأحكام
الخمسة متضادة بأسرها.
وثانيا : ان متعلق
التكاليف ليس العناوين بما هي كذلك ، ولا الأسماء ، وانما هو فعل المكلف وما يصدر
منه في الخارج.
وثالثا : ان تعدد
العناوين لا يستلزم تعدد المعنون.
ورابعا : ان
الوجود الواحد لا يمكن ان يكون له سوى ماهيّة واحدة.
وعلى هذا يتضح
امتناع الاجتماع لأن المفروض ان المجمع وجود واحد وتعدد العنوان لا يجدي في تعدده
، وهو بنفسه يكون متعلق الحكم ، وقد عرفت تضاد الأحكام فيلزم من اجتماع الأمر
والنهي اجتماع الضدين وهو محال [١].
هذا ملخّص ما جاء
في الكفاية من الاستدلال على الامتناع. ولا بد من
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٥٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.