يدور الأمر حينئذ
بين تقييد كلا الإطلاقين وتقييد خصوص إطلاق غير المحتمل أهميته ، فتقييده معلوم
على كلا التقديرين ، وتقييد إطلاق محتمل الأهمية غير معلوم ، فينفي بأصالة عدم
التقييد فيؤخذ بإطلاقه. هذا ملخص كلامه [١].
وتوضيح الحال : ان
دوران الأمر بين التعيين والتخيير له صور متعددة :
الأولى : دوران
الأمر بين التعيين والتخيير في المسألة الأصولية ، بمعنى دوران الأمر في الدليلين
المتعارضين بين التخيير بينهما في مقام الحجيّة وتعيين أحدهما خاصة. ولا إشكال في
ان الحكم هو التعيين ، لأن الشك المزبور يرجع إلى التشكيك في حجيّة غير محتمل
التعيين والشك في الحجيّة ملازم للقطع بعدمها كما تقرر. واما محتمل التعيين فهو
مقطوع الحجية على كلا التقديرين.
الثانية : دوران
الأمر بين التعيين والتخيير العقلي في المسألة الفرعيّة ، كما لو تعلق امر بطبيعة
ثم شك في ان المتعلق ذات الطبيعة فيكون المكلف مخيرا بين مطلق أفرادها عقلا ، أو
ان المتعلق الطبيعة مع الخصوصيّة الكذائيّة؟ والتحقيق : ان المورد من موارد جريان
البراءة ، لأنه من مصاديق دوران الأمر بين الأقل والأكثر فتجري البراءة ، عن
الخصوصيّة فيثبت التخيير العقلي.
الثالثة : دوران
الأمر بين التخيير والتعيين الشرعي في المسألة الفرعيّة ، كما لو علم بتعلق الأمر
بفرد وشك في أنه متعلّق للأمر بخصوصه ، أو انه مخير بينه وبين غيره ، وهذه الصورة
وقعت محل الخلاف في أنها مجرى البراءة من الخصوصيّة كسابقتها فيثبت التخيير ،
وانها مجرى الاشتغال فيثبت التعيين ، لكل احتمال ذهب جمع من المحققين.
الرابعة : دوران
الأمر بين التعيين والتخيير في مقام المزاحمة ، كما لو تزاحم حكمان واحتمل أهميّة
أحدهما ملاكا. والحكم فيه التعيين ، وذلك لأن
[١] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٢٧٩ ـ الطبعة الأولى.