وبهذا الملاك
يتقدم الدليل الحاكم على المحكوم ، لأنه يتكفل بمدلوله النّظر إلى مدلول الدليل
الآخر.
وبالجملة : كل
دليل يكون ناظرا إلى الآخر ومتكفلا لبيان المراد منه يتقدم عليه عرفا وبحكم بناء
العقلاء ، ولا معنى للتوقف في مراد المتكلم بعد تصريحه بان مرادي كذا. فالملاك في
الحقيقة هو النّظر إلى الدليل الآخر.
وبذلك يلتزم
بتقديم المقيد إذا كان يتكفل الأمر الإرشادي ، لأنه ناظر إلى المطلق ومبين للمراد
منه فيكون حاكما عليه.
وإذا ظهر هذا
الأمر وعرفت ان ملاك التقديم ليس عنوان القرينية ، بل نظر أحد الدليلين إلى الآخر
، فلا وجه للالتزام بتقديم المقيد على المطلق فيما نحن فيه بملاك القرينية ، إذ لا
ظهور للدليل المقيد في كونه ناظرا إلى الدليل المطلق ، بل هو دليل مستقل يتكفل
حكما مولويا على موضوع خاص كان هناك غيره أولا ، فأيّ نظر لدليل : « يحرم إكرام
النحوي » إلى دليل : « أكرم العالم » ، كما لا نظر لدليل : « أكرم العالم العادل »
إلى دليل : « أكرم العالم » ، ودليل : « أعتق رقبة مؤمنة » إلى دليل : « أعتق رقبة
» ، ولم لا يلتزم بالعكس؟.
ثم انه لو كان
المقيد قرينة على المطلق فلم لا يلتزم بالتقييد في المطلقات الشمولية ، وأيّ فرق
بينها وبين المطلقات البدلية؟ كما لا حاجة إلى سرد البيان الطويل مقدمة لبيان
تقديم المقيد على المطلق. فالتفت ولا تغفل.
فيتحصّل : ان ملاك
تقديم المقيد على المطلق ليس هو القرينية ، بل هو أمر آخر نحققه فيما بعد إن شاء
الله تعالى.
واما ان وحدة
التكليف تستفاد من نفس الدليلين ، فقد قرّبه ـ كما في أجود التقريرات ـ بان الأمر
بالمطلق بما انه يتعلق بصرف الوجود ، فهو ينحل إلى حكمين ، حكم بالإلزام بنفس
الطبيعة. وحكم بالترخيص في تطبيق الطبيعة على