الأول : فساد جعل
القسم الثاني قسيما للأول ، فانه راجع إليه ، لأن التضاد الاتفاقي بين أمرين لا
يكون إلاّ من جهة عدم القدرة على إتيانها معا من باب الاتفاق ، فليس القسم الثاني
في الحقيقة مغايرا للأول [١].
وفيه : ان التضاد
الاتفاقي لا ينحصر منشئه بعدم القدرة على الأمرين اتفاقا. بيان ذلك : ان المقصود
من التضادّ الاتفاقي هاهنا ما كان تحقق كلا الأمرين محالا في نفسه ولا يتمكن عليه
أي شخص مهما بلغت قدرته. وبالتعبير الكلامي « ما كان العجز فيه من ناحية المقدور »
نظير ما إذا أمر المولى عبده بان يكون في الصحن وأمره بملازمة زيد الموجود في
الصحن ، فإذا خرج زيد عن الصحن امتنع الإتيان بكلا المتعلّقين ، وهما الكون في
الصحن ، وملازمة زيد لامتناع وجود الجسم الواحد في مكانيين ، وهذا لا يرتبط بعدم
القدرة الاتفاقيّة ، فانه ممتنع مطلقا من كلّ أحد ولا يتحقّق من أي شخص كان ، فعدم
القدرة هاهنا ناشئ من التضاد ، لا ان التضاد ناشئ من عدم القدرة الاتفاقي. بخلاف
ما إذا كانت العجز اتفاقيّا راجعا إلى القصور في نفس القدرة لا في متعلّقها ،
كإنقاذ الغريقين فانه يتصوّر تحقّقه من شخص ذي قوة عالية فينقذ كلا الغريقين معا
كل منهما بيد من يديه ـ مثلا ـ ، فالفرق بين القسمين واضح.
الثاني : ـ وهو ما
جاء في المحاضرات ـ انه لا أثر لهذا التقسيم أصلا ، ولا تترتب عليه أي ثمرة فيكون
لغوا محضا [٢].
وفيه ما لا يخفى :
فان هذا التقسيم بلحاظ إجراء أحكام التزاحم ، فان هذه الأقسام تختلف في ذلك ،
فمنها ما يجري فيه الترتب ومنها ما لا يجري فيه ، وقد نصّ على ذلك المحقق النائيني
وتعرض إليه مفصّلا فهذا الإيراد من الغرائب.
[١] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٢٨٤ [ هامش رقم (١) ] ـ الطبعة الأولى.
[٢] الفياض محمد
إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٣ ـ ٢١٣ ـ الطبعة الأولى.