واما ما ذكره أولا
من استلزام التخصيص تقييد موضوع الحكم بغير عنوان الخاصّ ، فهو محل الكلام ، وقد
عرفت فيما تقدم إنكار المحقق العراقي لذلك ووافقه المحقق الأصفهاني وأقام البرهان
على امتناعه.
والّذي نراه ان
الاختلاف بينهما مبنائي ، فكل منهم على حق في دعواه بناء على ما التزم به في مدلول
أدوات العموم.
توضيح ذلك : انه
إذا التزم برجوع العام إلى المطلق ، وان شأن أدوات العموم ليس إلاّ إفادة
الاستغراقية أو المجموعية أو البدلية ، وعموم المدخول مستفاد من جريان مقدمات
الحكمة فيه ـ كما التزم به المحقق النائيني وقرّبناه ـ ، كان التخصيص مستلزما
للتقييد بلا تردد ، وذلك لأن الملحوظ في العام ثبوتا وفي مقام تعلق الحكم هو
الطبيعة الشاملة ، فإذا خرج بعض الافراد عن الحكم امتنع لحاظ الطبيعة حينئذ بنحو
الشمول ، وهذا هو معنى امتناع الإطلاق ، فيتعين ان تلحظ مقيدة بعدم عنوان الخاصّ.
وان التزم بان
العام يختلف عن المطلق ، وان العموم مدلول الأداة نفسها والمدخول هو الطبيعة
المهملة ، فيكون مفاد العموم إرادة جميع افراد الطبيعة المهملة ، لم يكن التخصيص
مستلزما للتقييد ، لأنه لم يلحظ في مقام تعلق الحكم ، الطبيعة القابلة للإطلاق
والتقييد كي يتأتى فيها الترديد المزبور ، بل لوحظ جميع افراد الطبيعة المهملة ،
ولا معنى للإطلاق والتقييد فيه كي يتأتى الترديد المتقدم بعد التخصيص ، لأن
الإطلاق والتقييد شأن الطبيعة ، وواقع « جميع الافراد » ليس كذلك ، ولو تصورنا
الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى الباقي لالتزمنا بأنه مطلق لا مقيد ، بمعنى ان الحكم
ثابت للباقي ثبت الحكم لغيره أم لم يثبت.
[١] الكاظمي الشيخ
محمد علي. فوائد الأصول ٢ ـ ٢٧٨ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.