ولكنه لا يخلو عن
مناقشة ، فانه لا يخلو عن مغالطة ، لأن الكل لم يلتزم بظهور تعليق الحكم على
الموضوع في العلية المنحصرة ، بل التزموا بما يلازم الانحصار في خصوص كون المعلق
شخص الحكم لا سنخه ، وهو أصل العلية لا أكثر.
وملخص ما ندعيه :
انهم التزموا بظهور الموضوع في العلية ، وهي تلازم الانحصار في مورد كون المرتب
على الموضوع شخص الحكم ، فلا وجه للتعدي إلى ظهور الموضوعية في الانحصار لمطلق
مضمون الخطاب.
وبيان ذلك : ان
المراد عن شخص الحكم ليس المعنى الاصطلاحي للشخص ، وهو الحكم الموجود ، فانه لا
معنى للكلام في الانحصار وعدمه بالنسبة إليه ، فان الموجود الخارجي لا يمكن ان
يوجد بواسطة سبب آخر ، لأن الموجود لا يقبل الوجود ثانيا. كما انه لا معنى
لانتفائه لأن الشيء لا ينقلب عما وقع عليه.
وهذا كما يجري في
الأحكام يجري في التكوينيات أيضا ، فان الإحراق الموجود المتحقق بالنار الخاصة لا
معنى لوجوده بنار أخرى.
وانما المراد به
ما يوجد في الخارج بنحو يؤخذ فيه بعض الخصوصيات الملازمة لانطباقه على فرد واحد لا
أكثر ، وهو في التكوينيات ملازم للانحصار ، فإذا قيل : « الإحراق الثابت لهذا
الشيء من هذه النار في الساعة الخاصة » إلى غير ذلك من القيود المخصصة للمفهوم
بحيث لا يقبل الانطباق على غير الفرد الواحد ، فلا وجه لتوهم ثبوته بغير تلك النار
بالخصوصيات المذكورة.
واما في
التشريعيات والاعتباريات ، فغير ملازم للانحصار ، إذ الحكم
[١] العراقي المحقق
الشيخ ضياء الدين. مقالات الأصول ١ ـ ١٣٨ ـ الطبعة الأولى.