والّذي يشهد على
كونه نظر صاحب الكفاية إلى الاضطرار العرفي : أنه قاس المقام بما لو اضطرار
باختياره إلى شرب الخمر ، لأجل عدم الوقوع في الهلكة فان شرب الخمر مضطر إليه عرفا
لا عقلا لصدوره بالاختيار.
وبالجملة : يقوى
في النّظر كون نظر صاحب الكفاية إلى الاضطرار العرفي وارتفاع الحكم لأجل التزاحم ،
أو لدليل الرفع الشامل للاضطرار العرفي. ولا يرتبط ارتفاع الحكم بالقاعدة أصلا ،
بل لم يذكر القاعدة في طي دليله أصلا ، فكيف ينسب إليه ذلك؟.
الجهة الثانية :
فيما ذكره من انه بانتفاء كون المورد من موارد القاعدة يثبت رأي الشيخ. فانه غير
صحيح ، لأن عدم كون المورد من موارد القاعدة المذكورة يستلزم الانتهاء إلى القول
بالتحريم الفعلي ، لأن القاعدة تذكر لبيان المانع من التكليف وأن الاضطرار انما
يمنع من التكليف لا المؤاخذة. فإذا فرض ارتفاع هذا المانع ثبت الحكم ، وليست
القاعدة تذكر لبيان عدم المقتضي حتى يحتاج إلى دليل بعد رفع القاعدة. فالانتهاء
إلى وجوب الخروج بمجرد رفع القاعدة عن المورد لا يعلم له وجه ظاهر.
الجهة الثالثة :
فيما ذكره من الوجوه على عدم كون المورد من موارد القاعدة فانها غير صحيحة :
أما الأول : فلما
تقدم من بيان كون المورد من موارد الاضطرار العقلي.
وأما الثاني :
فلأنه من الواضح ثبوت الملاك للخروج للجزم بعدم الفرق بين موارد الغصب في ذلك.
وإطلاق دليل الغصب يؤيده.
واما الثالث :
فلأنه لا فرق بين أن يكون الامتناع ناشئا من ترك مقدمة أو فعلها ، فان المهم هو
استناد الامتناع إلى اختيار المكلف.
وأما الرابع :
فلان الاضطرار المدعي انما نشاء عن حكم العقل بلزوم الخروج فرارا من أشد المحذورين
، فلا وجه لجعل حكم العقل المزبور شاهدا