الواجبين كما تقدم
توضيحه. بل ادعى انه بناء على انه لا طريق لإحراز الملاك سوى الأمر يمتنع توقف
الترتب على وجود الملاك حال المزاحمة لاستلزامه الدور ، لأن تعلق الأمر يتوقف على
ثبوت الملاك وثبوت الملاك يتوقف على تعلق الأمر فيلزم الدور [١].
ولا يخفى انه قدسسره وان اقتصر في بعض
كلماته على توجيه المقام بما عرفت ، لكنه ذكر في موضع آخر ما يمكن توجيه المقام به
بنحو لا يرد عليه ما عرفت.
بيان ذلك : ان
الواجب إذا أخذ في موضوع وجوبه القدرة ، فيراد بها القدرة العرفية ـ كسائر ما يؤخذ
في موضوع الحكم في لسان الدليل ، فانه يراد به المعنى العرفي ـ. ومن الواضح انه
إذا ورد المنع الشرعي عن الفعل لا يكون مقدورا عرفا ، وان كان مقدورا عقلا ، إذ
القدرة العرفية هي التمكن على الشيء من دون مشقة ودون منع شرعي. وعليه يكون المنع
الشرعي رافعا لموضوع الوجوب فلا يثبت.
وبما ان أحد
الواجبين المتزاحمين ـ فيما نحن فيه ـ يكون مقيدا بالقدرة شرعا ، وهو الوضوء عند
تزاحمه بوجوب حفظ النّفس المحترمة ، كان وجوب الآخر المطلق رافعا لموضوعه ونافيا
له بذلك ، فلا يبقى موضوع الحكم المقيد عند وجود الوجوب الآخر كي يدعى التمسك
بالإطلاق في إثباته حال العصيان لوجود الوجوب الآخر.
فملخص البيانين :
ان ثبوت الأمر بالمهم في حال العصيان اما ان يكون بالملاك أو بالإطلاق وكلاهما
منتف.
لعدم الملاك بعد
ارتفاع موضوعه.
[١] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٢٧٢ ـ الطبعة الأولى.