وتوقف شمول
الإطلاق على إحراز الموضوع. وهو منتف لأن الأمر بوجوده مانع عن القدرة عرفا.
وقد وقع هذا
البيان ـ أعني الثاني ـ موقع الإشكال ، ومحصله : ان الأمر بأحدهما المطلق لا يكون
مانعا عن القدرة على الآخر المقيد بها بوجوده ، بل انما يكون مانعا إذا وصل إلى
مرحلة الداعوية والتأثير ، وهي منتفية في حال العصيان ، فيكون الموضوع حال العصيان
موجودا ، فيشمله الإطلاق بناء على الترتب فلا مانع من الالتزام بالترتب هاهنا.
ولكنه يمكن
المناقشة فيه ومنع جريان الترتب في مثل الفرض وموافقة المحقق النائيني في ذلك.
وذلك بتقريب : ان فرض الترتب يختلف عن هذا الفرض ، فان الترتب انما يفرض فيما إذا
كان كل من الواجبين تام الموضوع بحيث يثبت وجوبه لو لا المزاحم ، فليس المحذور سوى
تزاحم الوجوبين فيعالج بالترتب ، وليس الأمر كذلك في الفرض ، إذ ليس الموضوع تاما
في كلا الوجوبين ، لأن وجود الأمر بنفسه يكون رافعا للقدرة العرفية ـ فيكون الأمر
المطلق رافعا لموضوع الأمر المقيد بالقدرة ، فتكون نسبته إليه نسبة الوارد إلى
المورود ـ فلا يقال عرفا لمن هو منهي عن العمل أنه قادر عليه وان كان عاصيا له
بحيث لو أقدم يقال انه أقدم مع عدم تمكنه للنهي.
ويشهد لذلك : انه
لو جاء بالتيمم قبل ان يصرف الماء في الواجب الآخر ـ أعني حفظ النّفس المحترمة ـ كان
مشروعا ، ولا يلتزم أحد ببطلانه. وهذا يعني صدق عنوان غير الواجد للماء على المكلف
، فلو أريد تصحيح الوضوء والحال هذه ـ بالترتب ـ لزم ان يفرض تحقق عنوان الواجد كي
يكون موضوعا للوجوب.
ومن الواضح ان صدق
عنوان الواجد وغير الواجد في زمان واحد غير معقول.