التنبيه الأول :
قد يتساءل متسائل ، بأن غاية ما ثبت مما تقدم هو صحة وقوع الترتب وإمكانه ثبوتا ،
ولكنه مما لا دليل عليه إثباتا ، إذ لم يرد في لسان أي دليل ثبوت حكم بنحو الترتب
، فلا أثر له لهذا البحث المطنب خارجا.
وقد تنبه لذلك
صاحب الكفاية وتابعة غيره ، فتصدى للإجابة عن هذا السؤال بان الترتب لا يحتاج إلى
دليل إثباتي خاص ، فإمكان ثبوته مساوق لوقوعه لمساعدة مقام الإثبات عليه [١].
وتلخص الدعوى :
بان العقدة في مسألة الترتب هو إمكانه وتصحيحه ثبوتا ، وإلاّ فمقام الإثبات لا
يحتاج إلى دليل خاص ، بل نفس دليلي الأمرين يكفي في ذلك. بيان ذلك : ان التنافي
بين الأمرين انما ينشأ من إطلاق دليل كل منهما ، بحيث يثبت الأمر في زمان داعوية
الآخر. وإذا ثبت ان هذا المعنى غير معقول فلا بد من علاجه ، فاما ان يرفع اليد عن
أصل دليل أحدهما ، أو يرفع اليد عن إطلاقه فيقيد ثبوت الأمر بحال عصيان الآخر أو
ترك متعلقه ـ كما هي دعوى الترتب ـ.
والثاني هو
المتعين ، إذ لا وجه لرفع اليد عن أصل الدليل مع ارتفاع التنافي بالتقييد. لأن
الدليل يتكفل ثبوت الحكم مطلقا. غاية الأمر ان ذلك غير معقول ، فيرفع اليد عن
الإطلاق لا أصل الحكم ، إذ دليل أصل الحكم موجود ولا وجه لرفع اليد عنه.
وبالجملة : الترتب
عملية للجمع بين الحكمين اللذين دل الدليل عليهما
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٣٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.