عبد اللَّه بن سنان و لم يستدل عليها بموثقة مسعدة بن صدقة، و لعل الوجه في عدم استدلاله بها اشتمالها على جملة من أمثلة الشبهة المصداقية فرأى اختصاصها بها و لم يستدل بها على البراءة في الشبهة الحكمية، و عكس الأمر صاحب الكفاية (ره) فتمسك للبراءة في الشبهة الحكمية بموثقة مسعدة بن صدقة، و لم يستدل بالروايتين. و لعل الوجه في عدم استدلاله بهما ظهور قوله عليه السلام (فيه حلال و حرام) فيهما في فعلية الانقسام إلى القسمين المختصة بالشبهات الموضوعية، إذ لا معنى لانقسام الشيء المجهول حرمته و حليته إلى القسمين كما هو واضح.
هذا، و التحقيق عدم صحة الاستدلال بشيء من هذه الروايات على البراءة في الشبهات الحكمية التي هي محل الكلام، إذ فيها قرائن تقتضي اختصاصها بالشبهات الموضوعية، و هذه القرائن بعضها مشترك بين موثقة مسعدة بن صدقة و غيرها، و بعضها مختص بالموثقة، و بعضها مختص بغيرها. اما القرينة المشتركة فهي قوله عليه السلام (بعينه) فانه ظاهر في الاختصاص بالشبهة الموضوعية، و ذلك لأن حمل هذه الكلمة على التأكيد- بان يكون المراد منها تأكيد النسبة و الاهتمام بالعلم بالحرمة- خلاف الظاهر، إذ الظاهر ان يكون احترازاً عن العلم بالحرام لا بعينه، و لا ينطبق ذلك إلا على الشبهة الموضوعية، إذ لا يتصور العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكمية، فانه مع الشك في حرمة شيء و حليته لا علم لنا بالحرام لا بعينه.
و (بعبارة أخرى) العناوين الكلية اما ان تكون معلومة الحرمة أو لا تكون كذلك، فعلى الأول تكون معلومة الحرمة بعينها، و على الثاني لا علم بالحرمة أصلا. نعم يتصور العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكمية مع العلم الإجمالي بالحرمة. و من الظاهر ان هذه الأحاديث لا تشمل أطراف العلم الإجمالي بالحرمة، إذ جعل الترخيص في الطرفين مع العلم بحرمة أحدهما إجمالا