اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 340
جميع الأحكام التي من جملتها المناكحة.
وقوله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)[١] ، نخصه بنكاح المتعة ، فإنه جائز عندنا على الكتابيات ،
أو نحمله على ما إذا كن مسلمات ، بدليل ما قدمناه ، ولا يمتنع أن يكون من جهة [٢] الشرع قبل ورود هذا البيان فرق بين من آمنت بعد كفر ، وبين
من لم تكفر أصلا ، فيكون في البيان لإباحة نكاح الجميع فائدة ، وليس لأحد مع جواز
هذا أن يقول : قد أغنى عما اشترطتموه من إسلام الكتابيات قوله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ).
فإن قالوا : لستم
بتخصيص هذه الآية بما ذكرتموه ، لتسلم لكم ظواهر آياتكم بأولى منا إذا خصصنا
ظواهركم بالمرتدات والحربيات ، ليسلم لنا ظاهر الآية التي نستدل بها؟! قلنا : غير
مسلم لكم التساوي في ذلك ، بل نحن أولى بالتخصيص منكم ، لأنكم تعدلون عن ظواهر
كثيرة ، ونحن نعدل عن ظاهر واحد ، وإذا كان العدول عن الحقيقة إلى المجاز إنما
يفعل للضرورة ، فقليله أولى من كثيره بغير شبهة.
ونكاح المستدام
مستحب بلا خلاف إلا من داود ، فإنه قال : واجب ، ويدل على ما قلناه بعد إجماع
الطائفة قوله تعالى (فَانْكِحُوا ما طابَ
لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) ، إلى قوله (فَواحِدَةً أَوْ ما
مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)[٣] ، لأنه تعالى علق ذلك باستطابتنا ، وما كان كذلك فليس
بواجب ، ولأنه خير بينه وبين ملك اليمين ، والتخيير لا يكون بين واجب ومباح ، ولأن
ذلك يقتضي جواز الاقتصار على ملك اليمين ،