اسم الکتاب : القواعد والفوائد - ط مکتبة المفید المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 2 صفحة : 56
والجواب عن
الجميع واحد ، وهو : أن الله تعالى كما علم كمية العمر ، علم ارتباطه بسببه
المخصوص ، وكما علم من زيد دخول الجنة ، جعله مرتبطا بأسبابه المخصوصة ، من إيجاده
، وخلق العقل له ، وبعث الأنبياء ، ونصب الألطاف ، وحسن الاختيار ، والعمل بموجب
الشرع.
فالواجب على كل
مكلف الإتيان بما أمر فيه ، ولا يتكل على العلم ، فإنه مهما صدر منه فهو المعلوم
بعينه. فإذا قال الصادق : إن زيدا إذا وصل رحمه زاد الله في عمره ثلاثين سنة ،
ففعل ، كان ذلك أخبارا بأن الله تعالى علم أن زيدا يفعل ما يصير به عمره زائدا
ثلاثين سنة.
كما أنه إذا
أخبر : أن زيدا إذا قال : لا إله إلا الله ، دخل الجنة ، ففعل ، تبينا أن الله
تعالى علم أنه يقول ويدخل الجنة بقوله.
وبالجملة :
جميع ما يحدث في العالم معلوم لله تعالى على ما هو عليه واقع ، من شرط أو سبب ،
وليس نصب صلة الرحم زيادة في العمر إلا كنصب الإيمان سببا في دخول الجنة ، والعمل
بالصالحات في رفع للدرجة ، والدعوات في تحقق المدعوّ به ، وقد جاء في الحديث : (لا
تملوا من الدعاء فإنكم لا تدرون متى يستجاب لكم) [١]. وفي هذا سرّ لطيف ، وهو أن المكلف عليه الاجتهاد ، ففي
كل ذرة من الاجتهاد إمكان سببية لخير علمه الله تعالى ، كما قال تعالى (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنا)[٢].
[١] لم أعثر ـ في حدود تتبعي ـ على هذا
النص. نعم ورد بمضمونه عدة أحاديث. انظر : الحر العاملي ـ وسائل الشيعة : ٤ ـ ١٠٨٦
ـ ١٠٨٧ ، باب ٢ من أبواب الدعاء ، حديث : ١١ ، ١٥ ، وص ١١٢٩ ، باب ٣٢ من أبواب
الدعاء ، حديث : ١.