بصورها الست. و الذي يقضي بأصالة الطهارة فيها بصورها أمور: أحدها: قاعدة الامتنان، و بيانه: أنه تعالى لما كرم بني آدم [1] و جعله أشرف مخلوقاته و أعظمها خلق لانتفاعه ما في الأرض جميعا و أباحه [2] له، و قد حكم العقل بأن ما خلق لأجل الانتفاع لا بد من إباحته، و ما لم يبح لا ينتفع به، و كذا يحكم بعد ذلك بأنه ينبغي أن يكون ذلك طاهرا أيضا، إذ لا انتفاع بالنجس، و احتياج الإنسان إليه [3] و عدم المناص عن استعماله [4] يقتضي الانتفاع المستلزم للإباحة و الطهارة، و قد دل بهذا الامتنان آيات آخر [5] أيضا في مقامات متعددة، و من أعظم الامتنان جعله طاهرا غير نجس [6]. و قد يستشكل في صورتين: إحداهما: وجود العلم الإجمالي بين المشتبهات بالنجاسة، لمنافاته مع الحكم بالطهارة. و ثانيتهما: صورة كون الشك [7] مسبوقا بالعلم بالنجاسة سابقا، فإن الاستصحاب يقضي ببقائها. و يندفع: بأن العلم الإجمالي لو اعتبر في الحكم لأدى إلى ارتفاع الامتنان، لوجود العلم الإجمالي بين المشتبهات غالبا، مع أن الامتنان ثابت بالعقل و النقل. و بأن الغرض ليس الحكم بالطهارة في موضع يجري فيه الاستصحاب لأنه مثبت [8] للنجاسة، كسائر الأدلة الواردة على القاعدة، بل جريانها إنما هو فيما