قال ابن حوقل [١] في كتاب الأقاليم : اعلم أنّ حدّ ديار مصر الشمالي بحر الروم رفح من العريش ممتدّا على الجفار إلى الفرما ، إلى الطّينة [٢] ، إلى دمياط ، إلى ساحل رشيد ، إلى الإسكندرية وبرقة على الساحل ، آخذا جنوبا إلى ظهر الواحات ، إلى حدود النّوبة ، والحدّ الجنوبيّ من حدود النوبة المذكورة ، آخذا شرقا إلى أسوان ، إلى بحر القلزم [٣]. والحدّ الشرقيّ من بحر القلزم قبالة أسوان إلى عيذاب [٤] ، إلى القصير [٥] ، إلى القلزم [٦] ، إلى تيه بني إسرائيل ، ثمّ يعطف شمالا إلى بحر الروم ، إلى رفح ، حيث ابتدأنا ، وبقاعها كثيرة.
وقال غيره : مصر هي إقليم العجائب ، ومعدن الغرائب ؛ وكانت مدنا متقاربة على الشّطّين ؛ كأنّها مدينة واحدة ، والبساتين خلف المدن متّصلة كأنّها بستان واحد ، والمزارع من خلف البساتين ، حتى قيل : إنّ الكتاب كان يصل من إسكندرية إلى أسوان في يوم واحد ، يتناوله قيّم البسّاتين واحد إلى واحد. وقد دمّر الله تلك المعالم ، وطمس على تلك الأموال والمعادن.
حكي أنّ المأمون [٧] لمّا دخل مصر ، قال : قبّح الله فرعون إذ قال : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) [الزخرف : ٥١] ، فلو رأى العراق! فقال له سعيد بن عفير : لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فإنّ الله تعالى قال : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف : ١٣٧] ، فما ظنّك بشيء دمّره الله هذه بقيّته؟! فقال : ما قصّرت يا سعيد. قال سعيد : ثمّ قلت : يا أمير المؤمنين ؛ لقد بلغنا أنّه لم تكن أرض أعظم من