قال : وكان البربر بفلسطين ، وكان ملكهم [١] جالوت ؛ فلما قتله [٢] داود عليه الصلاة والسلام خرج البربر متوجّهين إلى المغرب ؛ حتّى انتهوا إلى لوبية ومراقبة [٣] ـ وهما كورتان من كور مصر الغربيّة ممّا يشرب من السماء ، ولا ينالهما النيل ـ فتفرّقوا هنالك ؛ فتقدّمت زناتة ومغيلة إلى المغرب ، وسكنوا الجبال ، وتقدّمت لواتة ، فسكنت أرض أنطابلس ؛ وهي برقة ؛ وتفرّقت في هذا المغرب ، وانتشروا فيه ، ونزلت هوّارة [٤] مدينة لبدة [٥].
فسار عمرو بن العاص في الخيل حتّى قدم برقة ؛ فصالح أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار يؤدّونها إليه جزية ، على أن يبيعوا من أحبّوا من أبنائهم في جزيتهم ، ولم يكن يدخل برقة يومئذ جابي خراج ، إنّما كانوا يبعثون بالجزية إذا جاء وقتها.
ووجّه عمرو بن العاص عقبة بن نافع ؛ حتّى بلغ زويلة ، فصار ما بين برقة وزويلة [٦] للمسلمين.
ذكر الجزية
قال ابن عبد الحكم : كان عمرو بن العاص يبعث إلى عمر بن الخطاب رضياللهعنهما بالجزية بعد حبس ما يحتاج إليه ؛ حدّثنا عثمان بن صالح ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد [٧] بن أبي حبيب قال : كانت فريضة مصر لحفر خلجها وإقامة جسورها وبناء قناطرها وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفا ، معهم الطّور والمساحي والأداة ؛ يعتقبون ذلك ، لا يدعون ذلك شتاء ولا صيفا.
[١] في الكامل لابن الأثير ١ / ١٢٢ : وكان جالوت ملك العمالقة.
[٣] في معجم البلدان : مراقية : إذا قصد القاصد من الإسكندرية إلى إفريقيا فأول بلد يلقاه مراقية ثم لوبية.
[٤] زناتة ومغيلة ولواتة وهوّارة مجموعة من القبائل كانت تعيش في شمال إفريقية.
[٥] في معجم البلدان : لبدة مدينة بين برقة وإفريقية ، وقيل بين طرابلس وجبل نقوسة.
[٦] في معجم البلدان : زويلة مدينة بين بلاد السودان وإفريقية.
[٧] يزيد بن أبي حبيب ، واسمه سويد. الكنية أبو رجاء ، أبو عبد الرحمن ، أبو عثمان. الملقب الأزدي ، مولاهم المصري. الوفاة : ١٢٨ ه. من الطبقة الخامسة. أخرج له الستة. [موسوعة رجال الكتب التسعة : ٤ / ٢٤٦].