اسم الکتاب : تحصيل المرام المؤلف : الصبّاغ الجزء : 1 صفحة : 600
الفصل الخامس : في حكم المجاورة بمكة وفضلها
فذهب أبو حنيفة ; وبعض أصحاب الشافعي وجماعة من المحتاطين في دين الله إلى كراهية المقام بمكة.
قال صاحب المنظومة : ويكون ذلك إثما ، وذلك لمعان ثلاث [١] :
أحدها : الحدّ [٢] خوف التبرم والأنس بالبيت ، فإن ذلك ربما يؤثر في تسكين حرقة القلب في [الاحترام][٣] ، ولهذا كان عمر بن الخطاب رضياللهعنه يدور على الحجّاج بعد قضاء حجّهم بالدرّة ، ويقول : يا أهل اليمن يمنكم ، ويا أهل الشام شامكم ، ويا أهل العراق عراقكم ، فإنه أبقى لحرمة بيت ربكم في قلوبكم. وكذا همّ عمر أن يمنع الناس من كثرة الطواف ؛ خشية أن يأنس الناس بهذا البيت فتزول هيبته من صدورهم.
الثاني : تهيّج الشوق بالمفارقة له ، [لتنبعث][٤] داعية العود ، فإن الله جعل البيت مثابة [للناس ، يثوبون إليه][٥] ، أي : يؤولون ويعودون إليه مرة بعد أخرى ، ولا يقضون منه [وطرا][٦].
وقال بعضهم : [لأن][٧] تكون في بلدك وقلبك مشتاق إلى مكة متعلق بهذا البيت خير لك من أن تكون فيه وأنت متبرم بالمقام وقلبك في بلد