وبها أقام وجاءه وحي السما
وسرى به الملك الرفيع المنزل
ونبوّة الرحمن فيها أنزلت
والدّين فيها قبل دينك أول
هل بالمدينة هاشميّ ساكن
أو من قريش ناشئ أو مكهل؟
إلا ومكة أرضه وقراره
لكنهم عنها نبوا فتحوّلوا
فكذاك هاجر نحوكم لما أتى
إنّ المدينة هجرة فتحمّلوا
فأجرتم وقريتم ونصرتم
خير البريّة حقّكم أن تفعلوا
فضل المدينة بيّن ولأهلها
فضل قديم نوره يتهلّل
من لم يقل إنّ الفضيلة فيكم
قلنا كذبت وقول ذلك أرذل
لا خير فيمن ليس يعرف فضلكم
من كان يجهله فلسنا نجهل
في أرضكم قبر النبي وبيته
والمنبر العالي الرفيع الأطول
وبها قبور السابقين بفضلهم
عمر وصاحبه الرفيق الأفضل
والعترة الميمونة اللّاتي بها
سبقت فضيلة كلّ من يتفضّل
آل النبي بنوا عليّ إنّهم
أمسوا ضياء للبريّة يشمل
يا من تبضّ [١] إلى المدينة عينه
فيك الصّغار وصعر خدّك أسفل
إنا لنهواها ونهوى أهلها
وودادها حقّ على من يعقل
قل للمديني الذي يزدار دا
ود الأمير ويستحث ويعجل
قد جاءكم داود بعد كتابكم
قد كان حبلك في أميرك يفتل
فاطلب أميرك واستزره ولا تقع
في بلدة عظمت فوعظك أفضل
ساق الإله لبطن مكة ديمة
تروى بها وعلى المدينة تسبل
انتهى من الفتوحات المكية [٢].
[١] العين تبضّ بضّا وبضيضا : دمعت. لسان العرب (٧ / ١١٨).
[٢] الفتوحات المكية (١ / ٧٥٩ ـ ٧٦٣). وانظر القصيدة في أخبار مكة للفاكهي (٢ / ٢٩٣ ـ ٢٩٩) ، وإتحاف الورى (٢ / ٢٥٠ ـ ٢٥٦).