مأخوذون ، وكان بينهم خلف وتنافر ، فشرعوا حينئذ في الصلح ، وتوافقوا على اجتماع الكلمة [١].
ثم إن السلطان سار بالعسكر إلى ديار الفرنج بعد أن رتب العسكر واستعرضه ، ورحل على هيئة عظيمة يوم الجمعة سابع عشر ربيع الآخر [٢] ، وخيم على جنين [٣] ، ثم أصبح سائرا ، ونزل على الأردن وهو نهر الشريعة ، والفرنج قد تأهبوا للحرب بصفورية ، ورتبوا جيوشهم ، ورفعوا صلبانهم ، وكانوا نحو خمسين ألفا وأكثر ، والسلطان في كل صباح يسير إليهم ويراميهم.
ثم قوي عزمه على طبرية فسار إليها ونزل عليها ، وأحضر الحجارين والنقابين وأمرهم بالهدم والنقب ، وكان ذلك يوم الخميس. فنقبوا في برج فهدموه ، وتسلقوا فيه ، وتسلموه ، ودخل الليل.
فلما بلغ الفرنج ذلك اعتدوا وشدوا عزمهم وعلموا أن طبرية متى أخذت تؤخذ منهم جميع البلاد ، فاجتمع الفرنج مع ملوكهم وساروا بفارسهم وراجلهم نحو السلطان ، فبلغ السلطان ذلك ، يوم الجمعة فما كذب الخبر واستخار الله تعالى وسار بعسكره ، وجاء يوم الجمعة رابع عشر ربيع الآخر والفرنج سائرون إلى طبرية ، فرتب السلطان الأطلاب [٥] في مقابلتهم فحال الليل بين الفريقين.
[٤] ينظر : ابن الأثير ، الكامل ١٧٦ ـ ١٧٧ ؛ ابن شداد ٥٩ ؛ أبو شامة ، الروضتين ٢ / ٧٦ ؛ ابن خلكان ٧ / ١٧٤ ؛ المقريزي ، السلوك ١ / ٢٠٧.
[٥] الأطلاب : فرق الجيش وكتائبه وظهر هذا اللفظ أيام صلاح الدين الأيوبي ويذكر أن «الطلب» في لغة الغز هو أمير له لواء وبوق ومائتا فارس إلى مائة إلى سبعين. ينظر : ابن واصل ٢ / ١٥٧ ؛ جب ١٠٠.
[٦] حطين : قرية بين طبرية وعكا بالشام ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ٢ / ٣١٥ ـ ٣١٦ ؛ القرماني ٣ / ٣٥٧.
[٧] ينظر : ابن الأثير ، الكامل ١٧٧ ـ ١٧٨ ؛ ابن شداد ٥٩ ـ ٦٣ ؛ أبو شامة ، الروضتين ٢ ، ٧٦ ـ ٨٠ ؛ ابن خلكان ٧ / ١٧٤ ـ ١٧٧ ؛ المقريزي ، السلوك ١ / ٢٠٧.