الحرام [١] سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة [٢] قبل اجتماع العساكر عليه ، وحضور من استنفره للجهاد عليه ، وسافر بمن معه من عسكره ، وخيم على قصر سلامة من بصرى على سمت الكرك خوفا على الحاج من صاحب الكرك البرنس [٣] أرناط [٤] ، فإنه كان شديد العداوة للمسلمين ، مقداما على الشر وإثارة الحروب ، وكان قد عزم على أسر الحجاج [٥] ، فلما أحس بنزول السلطان قريبا منه عاد وأقام بحصنه خشية على نفسه. فوصل الحجاج في أول صفر إلى وطنهم بدمشق. واطمأنت فكرة السلطان عليهم.
وانتظر السلطان وصول العسكر المصري ، فأبطأ عليه [٦] ، / / فأمر ولده الملك الأفضل نور الدين عليا أن يقيم برأس الماء ويجمع العساكر الواصلة إليه ، وتوجه السلطان ومن معه إلى الكرك وضياعه ، فأحرق ونهب فيها وأسر [٧] ، وسار إلى الشوبك ففعل كذلك ، ووصل إليه عسكر مصر واستمر على هذا الحال شهرين والملك الأفضل مقيم برأس الماء [٨] في جمع عظيم ينتظر ما يأمره به والده.
ثم قوي عزمه على طبرية فسار بمن معه [٩] ، ووصل إلى صفورية [١٠] ، فخرج إليهم الفرنج في جمع كبير والتقى الفريقان ، فنصر الله المسلمين وظفرهم بالمشركين ، فقتلوا منهم وأسروا ، وعد ذلك من حسن تدبير الملك الأفضل ، فوردت البشائر على السلطان بالكرك [١١].
ثم سار السلطان واجتمع به ولده ، وقد كثر عسكر الإسلام ، واجتمع واشتد عزمهم على الجهاد وقوي. وسمع الفرنج بما هم فيه من الكثرة ، وتحققوا أنهم
[٣] البرنس أ ب : الإبرنس ج ه : ـ د / / أرناط أ ج ه : أرباط ب : ـ د.
[٤] البرنس أرناط هوPrinceRenauldeChatillon : صاحب الكرك والشوبك عرف بالمصادر الإسلامية بالبرنس أرناط ، قتله صلاح الدين بعد معركة حطين ، ينظر : الصوري ٢ / ٨١٤ ؛ ابن خلكان ٧ / ١٧٦ ؛ الصفدي ٦ / ١٨٢ ؛ William of Tyre ٢ / ٤٤٢.