فأول ما حكم أن الذين اشتروه قالوا : إن هؤلاء باعونا عبدا وأخذوه منا ، فقال لهم : إما أن تعطوهم ما أخذتم منهم وإما أن تسلموهم عبدهم ، فهذا أول حكمه فيهم ، ثم بعد ذلك وقع من الحبشة تعصب على أصحاب رسول الله ، 6 ، فقالوا له : إن هؤلاء لهم دين غير ديننا. فأرسل وراءهم وقال لهم : ما تقولون في عيسى ابن مريم؟ فقالوا : نؤمن به ونصدقه فيما جاء به ، فقال للحبشة : ما تقولون في نبيهم؟ فلم يؤمنوا به ، فقال لهم : هؤلاء يؤمنون بنبيكم وأنتم لا تؤمنون بنبيهم فأنتم الآن ظلمة فكل منكم على دينه ولا أحد منكم يعارض هؤلاء ، فاستمروا في بلاده مدة ، وعادوا إلى أوطانهم.
ومات النجاشي ، فقال النبي 6 : «مات اليوم رجل صالح فصلوا على أخيكم أصحمة» [١] فصلى عليه النبي ، 6 ، وأصحابه.
ولما رأى المشركون أن الإسلام يفشو [٣] ويزيد ائتمروا أن يكتبوا بينهم كتابا يتعاقدون فيه على أن لا ينكحوا بني هاشم وبني المطلب ولا ينكحوا منهم ، ولا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم ، فكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في جوف الكعبة [٤]. وأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا ، هذا ورسول الله ، 6 ، يدعو الناس سرا وجهرا ، والوحي يتتابع [٥].
ثم قام نفر من قريش وتعاهدوا في نقض [٦] الصحيفة ، ووقع بينهم خلاف [٧] ، فقام مطعم بن عدي [٨] إلى الصحيفة ليشقها ، فوجد الأرضة قد أكلتها إلا ما كان باسمك اللهم ، وكانت قريش تستفتح بها كتابها ، وأكلت الأرضة ما فيها من ظلم وقطع رحم ، وتركت ما فيها من اسم الله تعالى.
وكان النبي ، 6 ، أخبر بذلك ، فاجتمعت قريش [٩] وأحضروا الصحيفة ،