قال تعالى [١] ، عز وجل : (أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) (٢٠) [٢]. فلما رآها ولى مدبرا ولم يعقب فسمع النداء : أيملك [٣] أحد الموت والحياة إلا الله ، عز وجل [٤]؟ فرجع موسى إلى موضعه والحية على حالها ، فقال عز وجل : (خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (٢١))[٥] ، وأدخل [٦] يده في كمه ليأخذها فسمع النداء : أرأيت لو آذنت لها أن تضربك أكان يغنيك كمك [٧]؟ فكشف يده وأدخلها في فيها [٨] فإذا هي عصى ، قال الله عز وجل : (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ)[٩] ، أي من غير برص ، آية أخرى مع العصى ، فعند ذلك أنس موسى وذهب عنه الخوف ، قال الله تعالى [١٠] : يا موسى إني اخترتك على الناس برسالاتي وبكلامي لأبعثك لعبد من عبيدي كفر بنعمتي وتسمى باسمي واستعبد عبيدي ولو لا حلمي [١١] لأهلكته ، ولكن هان عليّ وأنا مستغن عنه أمهله لأقيم عليه حجتي فبلغه رسالاتي وادعه إلى عبادتي.
فقال موسى : (قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي) (٢٨) ـ يعني ليعرفوا كلامي ـ (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢))(١٢)(١٣) يعني [١٤] عونا لي على الرسالة ، قال تعالى : (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) (٣٦) [١٥] ، ثم ذكر ما كان منه من قتل النفس فخافهم فقال : رب إني قتلت منهم نفسا : (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) (١٥) [١٦] ، ثم قال اذهبا ، يعني هو وهارون [١٧](اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) (٤٣)